كتب عماد موسى في صحيفة “نداء الوطن”:
منذ العام 1943 وحتى اليوم، لم تمرّ في بال مسؤول سياسي فكرة أن قوانين الانتخاب وُجدت لحسن تمثيل “الشعوب” اللبنانية، وهذا لا يعني حكماً أن من انتخبهم الناس على مدى ثلاثة أرباع القرن لا يمثّلونهم بشكل كبير. لكن الهدف الرئيس من كل دورة هو مجلس موال للسلطة القائمة، سواء بشراء الذمم أو بتركيب اللوائح الائتلافية التي يصعب اختراقها أو بممارسة الضغوط أو بتزوير الإرادة الشعبية أو… أو… وكل الموبقات ارتكبت في الانتخابات الأولى بعد الاستقلال في العام 1947. وأولى تباشير عدالة التمثيل سقوط إميل إده وكل مرشحي الكتلة الوطنية.
العام 1951 زيد عدد النواب من 55 إلى 77 في أول تعديل دستوري لغاية في نفس بشارة.
في العام 1953 زاد عدد سكان لبنان و”زمّ” في المقابل عدد النواب إلى 44 برغبة شمعونية وقد أعطيت المرأة في ذاك العام حق الانتخاب والترشّح.
وفي العام 1957 أقرّ مجلس النواب قانوناً جديداً للانتخابات. تغيرت خريطة الدوائر وزيد عدد النواب إلى 66، وأبرز الراسبين في ربيع ذاك العام: كمال جنبلاط، صائب سلام، عبدالله اليافي، أحمد الأسعد. كانت ضربة معلّم. وشمعون معلّم بشهادة الحلفاء والخصوم.
في العام 1960 رُكّب قانون جديد، اعتمد القضاء دائرة انتخابية، وكان أحد أهدافه، عدا التمثيل الصحيح، إسقاط شمعون ولم يسقط.
في العام 1964، أجري تعديل بسيط على قانون الستين وبمساهمة طيبة من الشعبة الثانية وبعمل دؤوب منها سقط كميل شمعون وريمون إده.
في دورتي العام 1968 و1972 لم تجد السلطة سبباً لتغيير القانون.
في الطائف، استُحدث قانون، اعتمدت فيه المحافظة دائرة انتخابية وأقرّت فيه المناصفة، لكن للضرورة الميدانية أحكاماً، فزيد عدد النواب إلى 128، قاطع المسيحيون انتخابات العام 1992 التي أفاد منها أزلام عنجر. في انتخابات 1996 دخل “حزب الله” البرلمان محدثاً نقلة نوعية.
قانون الـ2000 صاغه الحاكم العسكري العميد غازي كنعان واللواء جميل السيد وفيه اعتُمد توزيع لبنان على 14 دائرة انتخابية، من دون أي اعتبار للتواصل الجغرافي ولا للتساوي العددي ولا للتجانس الديموغرافي، وكان يستهدف بشكل رئيس رفيق الحريري، فانقلب السحر على الساحرين إذ أعطى القانون نفسه الأغلبية لقوى 14 آذار في العام 2005.
في قانون الدوحة (2008) استرجع العماد ميشال عون حقوق المسيحيين، وعاد إلى البلاد مظفّراً، ولم يظفر بالرئاسة إلا بعد شوق مضنٍ.
والآن جاء دور “الإستيذ”، ليقود “بكل جوارحه”، باسم “الثنائي الوطني”، معركة قانون انتخاب عصري ومدني، ويبدو لي أننا على مشارف انقلاب، وبإقرار “قانون التمثيل الصحيح” يكون الانقلاب قد نجح.