Site icon IMLebanon

ما توجُّه الكتل النيابية المُعارضة في استشارات التكليف؟

شهد القصر الجمهوري في بعبدا في 31 آب الماضي استشارات نيابية ملزمة أفضَت الى أن يُكلّف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السفير مصطفى أديب تأليف الحكومة الجديدة. واعتبرت جهات سياسية عدة حينها أنّ عون حدّد موعد الاستشارات حياءً قبل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون للبنان في 1 أيلول الماضي. أديب لم ينجح في مهمته بعد أن اُجهضت المبادرة الفرنسية لجهة تأليف «حكومة مهمة» بسبب تَشبّث «حزب الله» وحركة «أمل» برفض المداورة في الحقائب وبتسمية الوزراء الشيعة والرفض «السني» المقابل. وفي 26 أيلول اعتذر أديب ليدخل ملف التأليف مرحلة جمود، الى حين تحديد عون أمس موعد لإجراء الاستشارات الخميس المقبل في 15 تشرين الأول الجاري.

إنّ فتحَ باب التكليف يعني تلقائياً فتح باب تأليف الحكومة، إذ حدّد عون سقفاً زمنياً للكتل لتتوصّل الى الاسم الذي ستزكّيه ليُكلّف تأليف الحكومة. ولا يبدو أنّ «حزب الله» تراجع عن موقفه، إذ أكد الأمين العام لـ«الحزب» الشيخ نعيم قاسم، أمس، أنّ «الحل الوحيد المتوافر هو في الآليات المعتمدة منذ «اتفاق الطائف»، وليس الوقت للانقلاب على التوازنات والأكثرية النيابية أو لابتداع صيَغ حكومية لا تُمثِّل الكتل». فيما لا يزال نادي رؤساء الحكومات السابقين ملتزماً الصمت، وسُجّل خرق وحيد لهذه الجهة بطرح الرئيس نجيب ميقاتي تأليف حكومة من 20 وزيراً، 14 اختصاصياً مستقلاً و6 وزراء دولة يمثّلون القوى السياسية الرئيسة، ويلتقي هذا الطرح مع طرح عون بتأليف حكومة تكنو – سياسية.

أمّا على ضفة المعارضة النيابية، وفي حين أنّ حزب «القوات اللبنانية» كان أبرز من لم يلتزم أمام ماكرون تسمية أديب وسَمّى الديبلوماسي نواف سلام، فسيعقد تكتل «الجمهورية القوية»، بدعوة من رئيسه رئيس «القوات» سمير جعجع، اجتماعاً الأسبوع المقبل للتشاور وحسم الموقف من المشاركة في استشارات التكليف ومن تسمية الرئيس المكلّف، وذلك بعد أن تتوضّح نتيجة المشاورات السياسية عموماً وأن تكون تقدّمت في اتجاه الإتفاق على توجّه معيّن أو عدم الاتفاق، فمن المُرتقب أن تنشط المشاورات إذ إنّ الكتل محكومة بسقف زمني قبل استحقاق استشارات التكليف.

وتقول مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «أيّ دعوة من طبيعة دستورية نرحّب بها، فنحن جمهوريون وأكثر المتمسكين بمنطق المؤسسات والدستور، وما نعانيه في لبنان هو تجاوز الدستور وخرقه في جوانب عدة، وفي طليعتها الجانب الدستوري».

وخلال الأيام المقبلة السابقة لموعد الاستشارات في 15 الحالي، سيجري جعجع مشاورات واتصالات سياسية. وتؤكد المصادر القواتية أن «لا شيء ثابت في كلّ عملية تكليف، وإنّ التكتل يتخذ قراره ضمن الرسالة التي يريد إيصالها». وتكشف عن أنّه «ربما يُصار، بعد الوضع الذي وصل إليه البلد وإجهاض المبادرة الفرنسية، الى اتفاق على تكليف فتأليف، لكن طبعاً أن تكون حكومة مستقلين تماماً، وهذا رهن الاتصالات التي ستُجرى من الآن حتى الخميس المقبل».

أمّا «الحزب التقدمي الاشتراكي» فيعتبر أنّه كان يجدر بعون الدعوة الى الاستشارات قبل هذا التاريخ، ويرى أنّ مجلس النواب عليه أن يتحمّل مسؤولياته في هذا الإطار وأن يُسمّي رئيساً يُكلّف تأليف الحكومة. ويشير عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله الى أنّ موقف رئيس الحزب وليد جنبلاط واضح، وهو يعتبر أنّ العملية الدستورية يجب أن تسير، وعلى النواب إخراج البلد من الفراغ. وبالتالي، انّ «اللقاء» سيشارك في استشارات التكليف.

ويقول عبدالله لـ«الجمهورية»: الناس خائفون على الغد وليس على المستقبل فقط، بعد أن أعلن المسؤولون عن استنزاف احتياطي مصرف لبنان بالدولار وعن رفع الدعم عن الطحين والمحروقات والأدوية، ثمّ جلسوا متفرّجين».

ويسأل: «ماذا ينتظرون؟ هل هناك رسالة من الخارج؟ وهل لهذه الدرجة بتنا مُرتهنين لإرادة الخارج وفقدنا أي انتماء وطني؟ لماذا الهروب؟ هل ينتظرون الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ وهل إنّ الأميركيين لا ينامون ليجدوا مصلحة لبنان؟ وهل يريد البعض إبقاء لبنان رهينة الأميركيين والإيرانيين وغيرهم؟». ويعتبر عبدالله أنّ «َمن أسقَط المبادرة الفرنسية يجب أن يتحمّل المسؤولية، وليس المقصود فريق واحد».

وعن الحلّ الحكومي، يقول: «يجب أن نفصل المعمعة الإقليمية الدولية، التي لا نعرف متى تنتهي وبأيّ كلفة، عن وضعنا المأزوم، فنحن لا نملك ترف الوقت للانتظار، ولا الإحتياط الكافي لنترقب التغيرات الإقليمية والدولية. ويجب أن نتفق على إنقاذ اقتصادي مالي مع كل خلافاتنا لأنّ التداعيات الاجتماعية ستكون خطيرة جداً وأكثر مما يتصوّره البعض».

وعن اسم الرئيس المكلف وشكل الحكومة، يوضح عبدالله أنّ «المشكلة ليست بالشخص وأنّ شكل الحكومة نتيجة، فيما الأساس هو سقف الحكومة وخطة عملها، أتينا بمصطفى أديب فماذا حصل». ويؤكد أنّ «المطلوب خطة عمل كاملة متكاملة، وألّا يتعنّت أحد ويتشبّث بصلاحيات وميثاقيات وأعراف في وقتٍ يكاد البلد أن يختفي». ودعا الى «التواضع وعدم المكابرة، والمساهمة بتنازلات متبادلة لإنقاذ ما تبقّى».

وفي حين لم يتجَلَّ بعد إذا كان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سيوافق على ترؤس الحكومة أو يعيد تجربة تسمية رئيسٍ لها، أو يقبل بحكومة تكنو – سياسية، أكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب سامي فتفت أمس من مجلس النواب، بالنسبة الى استشارات التكليف، أنّ «تيار «المستقبل» واضح، ونحن مع تطبيق الدستور ومع الدستور، وأن تجري الاستشارات النيابية سريعاً».