Site icon IMLebanon

إعلاميون لبنانيون في قره باغ “هم الأكثر تفهّمًا” لمعاناة الأرمن

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

 

من لبنان إلى أرمينيا انطلق وفد إعلامي لبناني يضم وسائل إعلام مكتوبة ومقروءة ومسموعة، من ضمنها “نداء الوطن”، في رحلة وجهتها منطقة ناغورني قره باغ أو “أرتساخ”. المنطقة التي تشهد حرباً بين سكانها، ذوي الانتماء الأرميني، وجمهورية أذربيجان التي تصرّ على إخضاعهم لسلطتها بالقوة. صراع يرى الأرمن أن وجه الحق واضح فيه، وأنه يكفي أن يزور الإعلاميون المنطقة، حيث القصف والاشتباكات، ليعرفوا الحقيقة وليتبين لهم أيّ من الطرفين على حق. وهو ما عبّر عنه مدير وكالة الأخبار الأرمنية (أرمن برس)، آرام أنانيان، في لقائه معنا في مبنى الوكالة قبل الانطلاق إلى الجبهة، حيث استقبل أنانيان الوفد اللبناني، وشرح أمامه وجهة نظره وأجاب على أسئلة واستفسارات الإعلاميين اللبنانيين.

في مبنى قديم في أحد الشوارع الفرعية في العاصمة الأرمينية يريفان، كان اللقاء بين مدير الوكالة ومراسلين فيها مع زملائهم اللبنانيين. ودّ ومعزة خاصة عبّر عنها أنانيان للبنانيين، متحدّثاً عن صلة قرابة معهم. كذلك تحدّث عن صلة تاريخية، ومقاربته جعلته يرى أن الإعلاميين اللبنانيين هم الأكثر قدرة على فهم ما يجري في “أرتساخ” وما يعانيه سكانها. “فهناك أمور مشتركة بين ما يجري في قره باغ، وما قام به الشعب اللبناني ليتحرر وينال استقلاله، وأنا على يقين أنكم كشعب عاش هذه البشاعة في اكثر من مرحلة، الوحيدون الذين قد تفهمون 100% عمّا أتكلم”، يقول أنانيان.

في حديثه يكرر مدير الوكالة الأرمينية تمسكه بالمبادئ المهنية، ويرفض تسميتها بالوكالة الرسمية، مصححاً “هي وكالة حكومية، مسجلة كشركة ولا علاقة لسياستها التحريرية بتوجيهات الدولة، ففكرة بروباغاندا الدولة أصبحت فكرة باهتة بلا قيمة، تعود للقرون الماضية. فكيف يمكن الحديث عن إعلام رسمي في عصر الهواتف الذكية؟”.

وفي حين يركّز أنانيان حديثه على أخبار قصف أذربيجان عاصمة أرتساخ، و”تعمد استهداف المدنيين كلما شعرت أنها محشورة على الحدود”، تسأله “نداء الوطن” عن مسؤولية بقية الدول أمام ما يجري وكيفية متابعة الوكالة لهذه المسألة، فيشير إلى أن “همّهم الأول هو أن يعرف المجتمع الدولي ما يحصل حقاً في ناغورني قره باغ، وألا تستخدم مصطلحات لا علاقة لها بالواقع فيتشكّل رأي عام بناءً على ما تنشره محطات تخدم مصالح أذربيجان”. وفي معرض إجابته يعبّر الصحافي الأرمني عن سعادته “أنه في النهاية لمس تغيراً في الكلام السياسي في المجتمع العالمي، فاعتراف روسيا بوجود ارهابيين يقاتلون مع أذربيجان أمر مهم جداً”. بعد الزيارة مضى الإعلاميون اللبنانيون إلى منطقة الحرب في ناغورني قره باغ.

توصيات عدة حمّلهم اياها مدير الوكالة، متمنياً تجنّب البث المباشر، إذ يسهل على الأذريين تحديد مواقع الصحافيين واستهدافهم. “فهم يعتبرون الإعلاميين هدفاً مشروعاً، يعتبرون أرتساخ أرضهم وأن من يدخلها من دون إذنهم عدو. كما أن مهمتنا كإعلاميين نقل ما نراه وهم لا يريدون أن نحكي وننقل حقيقة ما يجري”.

إذاً هي أرمينيا، تريد للإعلام ان يأتي إليها ليرى الأحداث من أرضها وينقلها إلى العالم، في وقت يشكل فيه الإعلام إحدى ساحات الحرب وجبهاتها. ولم تشترط على الوسائل الإعلامية كيفية التغطية، “فالحضور الإعلامي في المنطقة سيعطي وجهاً أفضل عما يحصل” وفق أنانيان. وفي هذه المعركة معروف أن أصحاب الأرض لا يشعرون بالانتماء إلى أذربيجان الذين تقاتلهم ويقاتلونها، ولا يريدون الخضوع لحكمها، بل هم متمسكون بثقافتهم وهويتهم الأرمينية. واللافت في هذه المعركة، اندفاع الأرمن اللبنانيين للمشاركة بها بمختلف الإمكانات المتاحة، حيث يسعى هؤلاء لحشد الدعم الإعلامي والديبلوماسي والمادي للمنطقة التي تشهد أعنف المواجهات مع عدوها، حيث لا تكافؤ بالإمكانات معه.