Site icon IMLebanon

رسالة بريطانية لقيادة الجيش والشرعية: معكم لآخر الحدود

كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

 

شكّلت زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى بريطانيا مناسبة جديدة لتأكيد الدعم الدولي للمؤسسة العسكرية، في وقت تحجب الدول الكبرى أي مساعدة تمرّ عبر السلطة الحاكمة.

تُعد الولايات المتحدة الاميركية أكبر مسلّح للجيش اللبناني، وهذه الحقيقة لا يستطيع أحد من الحكّام إخفاءها، ولا يُعد الدعم الأميركي يتيماً، إذ إن لندن مثل واشنطن تستثمر في الجيش لأنه يقوم بدور فعّال، وقد خصصت بين عامي 2016 و2020 أكثر من 100 مليون دولار بهدف تدريب عناصر الجيش وتجهيزهم، لاسيما عناصر أفواج الحدود البرية من أجل ضبط عمليات التسلل غير الشرعية.

وعلى رغم انشغالات الداخل، فإن زيارة قائد الجيش إلى بريطانيا أتت لافتةً في الشكل والمضمون. ففي الشكل حظي العماد عون باستقبال كبير مثله مثل أي قائد جيش لبلد كبير، وهذه علامة تسجّل للمؤسسة العسكرية التي باتت تحظى باحترام أهم الدول.

أما في المضمون، فإن الأحداث الأخيرة استعجلت الزيارة، وهذه الأحداث تتمثّل في تحرّك الخلايا الإرهابية في الشمال من كفتون مروراً بطرابلس وصولاً إلى اشتباكات وادي خالد، وهذا ما دفع البريطانيين إلى رفع مستوى التنسيق مع الجيش اللبناني الذي كان على الخطوط الامامية في المواجهة ما بين أعوام 2013 و2017 وتفوّق في عرسال ورأس بعلبك والقاع على جيوش أكثر منه تجهيزاً، ولذلك ستنهي لندن بحلول نهاية العام 2020 تدريب 14000 عنصر على عمليات حفظ الأمن، داخل منشآت تحاكي الأماكن المبنية، وبالتالي فإن المساعدة لا تشمل الجبهات المفتوحة والحدود بل المناطق المأهولة بالسكان.

ويتذكّر الجميع كيف أن بريطانيا ساعدت الجيش اللبناني في معركته ضدّ “داعش” و”النصرة” والمنظمات الإرهابية حيث أشرف خبراء بريطانيون على بناء 41 برج مراقبة حدودياً و38 مركزاً متقدماً على امتداد الحدود الشمالية والشرقية، وتم تقديم 13 منظومة مراقبة متحركة. كما تم إنشاء مركز متخصص لتدريب أفواج الحدود البرية في البقاع، حيث يخضع أكثر من 8000 عنصر من هذه الأفواج للتدريب على تنفيذ عمليات مرتبطة بأمن الحدود.

إذاً، عاد البريطانيون بقوّة للاهتمام بالحدود اللبنانية وهذه المرة سيشمل التنسيق الحدود البحرية أيضاً من الشمال وصولاً إلى الناقورة، لكن هذا الأمر ليست له علاقة بموضوع ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

وفي السياق، فإن النشاط البريطاني المتجدّد يأتي من ضمن إطار مساعدة لبنان على ضبط كل حدوده البحرية والبرية ومساعدة الشرعية على بسط سيطرتها، وهذا الموضوع سيادي بامتياز، حيث تعلم بريطانيا، مثلها مثل بقية الدول الكبرى، أن الدولة لا تسيطر على حدودها، وأن المعابر الشرعية مثل المطار والمرفأ، والمعابر غير الشرعية على الحدود البقاعية والشمالية وحتى المنافذ البحرية تخضع لسيطرة ونفوذ قوى الأمر الواقع، وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالأمن بل يُخسّر الدولة عائدات بمليارات الدولارات وهذا المطلب من أهم مطالب الإصلاح الداخلي وحتى من جانب صندوق النقد الدولي.

لا تزال حادثة انفجار مرفأ بيروت ماثلة أمام عيون اللبنانيين والعالم، ومن هذا المنطلق فإن لبنان بحاجة إلى مساعدة دولية لبسط سيطرته على المعابر والمنافذ البرية والبحرية، وأيضاً لوقف الهجرة غير الشرعية بعد مشاهدة مراكب الموت التي تبحر من بحر الشمال، لذلك فإنّ البريطانيين أكّدوا لقائد الجيش استمرارهم بالمساعدة في كل ملفات الحدود الشائكة. أرسل البريطانيون من خلال استقبالهم الحافل للعماد عون رسالة واضحة بأنهم مع الشرعية والدولة وضدّ كل ما تفعله “الدويلة” من قضم للدولة، ورهانهم الأساسي على الجيش اللبناني، كما أنهم مع لبنان حتى ضبط آخر معبر على الحدود.