في غمرة انشغالات اللبنانيين باوضاعهم المعيشية التي تتدهور يوماً بعد يوم بسبب تحليق سعر صرف الدولار مقابل الليرة مع ما يجرّ معه من ارتفاع جنوني باسعار المواد الاستهلاكية، وفي ظل مرحلة تتصاعد فيها الاصوات المنادية بتغيير النظام السياسي القائم تحت عناوين وطروحات متعددة، كانت لافتة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان النيابية المشتركة الى جلسة امس الأربعاء، لدرس إقتراحات قوانين متعلّقة بالانتخابات النيابية بالاضافة الى اقتراح قانون لإنشاء مجلس الشيوخ.
وعلى اهمية هذه الخطوة التي تؤكد اهمية الحوار والنقاش تحت قبّة المؤسسات الدستورية حول مواضيع خلافية واستراتيجية، غير ان توقيت طرحها وابعادها يطرح علامات استفهام عديدة لا يمكن فصلها عن استحقاقات المرحلة ومواقف قوى محددة منها.
فمنذ ان طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مبادرة حياد لبنان واعلان مكوّنات عديدة تأييدها لذلك، خرجت اصوات، وتحديداً في الوسط الشيعي لتطالب مجدداً بتغيير النظام السياسي القائم، لانه وصل الى حائط مسدود، ودعت الى الغاء الطائفية السياسية والذهاب نحو اعتماد قانون انتخابي خارج القيد الطائفي يقوم على النسبية الكاملة.
وانطلاقاً من ذلك، سألت اوساط سياسية عبر “المركزية” عن الدوافع لاستعجال الثنائي الشيعي الى طرح مواضيع خلافية مثل قانون جديد للانتخابات اعدته كتلة “التنمية والتحرير” ويقوم على اعتماد النسبية المطلقة من دون صوت تفضيلي ولبنان دائرة انتخابية واحدة؟ فهل هذا الطرح هو ردّ على مبادرة الراعي التي تتوسّع رقعة المؤيّدين لها من مختلف الطوائف والمذاهب؟ وهل ان الثنائي الذي يضرب عرض الحائط الدستور، لاسيما لجهة “تطييفه” مؤسسات ومناصب في الدولة يسعى لبسط سيطرته على الدولة وقرارها من خلال قانون انتخابي يضمن له الاكثرية المطلقة في مجلس النواب فيُحقق مطالبه بتغيير النظام القائم”؟
وفي حين قطع تكتل “لبنان القوي” ممثلاً بالنائب الان عون وتكتل “الجمهورية القوية” ممثلاً بالنائب جورج عدوان خلال اجتماع اللجان المشتركة امس الطريق على اي تعديل بقانون الانتخاب الحالي او إنشاء مجلس الشيوخ، لان الوقت الان لتشكيل حكومة والانصراف الى معالجة الازمة الحالية، يبدو الثنائي الشيعي يحمل في جعبته الكثير من الارانب وظيفتها إدخال تعديلات في النظام السياسي لمصلحته مستنداً الى نفوذه السياسي ووهج السلاح.
وفي الاطار، اشارت الاوساط الى “مشروع قانون لتقليص صلاحيات الرئيس المكلف وتحديد مهلة التشكيل بـ30 يوماً تمدد لمرّة واحدة. فاذا فشل الرئيس المكلّف سيضطر للاعتذار بمعنى ان فترة التشكيل لم تعد مفتوحة لاشهر بل ضبطت بتوقيت محدد”.
ومع ان اوساطاً سياسية في الشارع الاسلامي السنّي رفضت عبر “المركزية” هذا المشروع “المُلتبس” بتوقيته، ووضعته في خانة “المس بصلاحيات الرئيس المكلف”، اعتبرت الاوساط السياسية “ان هذه المشاريع واقتراحات القوانين رغم اهميتها، لا تُشكّل اولوية في الوقت الحاضر. فالمطلوب من القوى السياسية الذهاب نحو اقرار قوانين ضرورية تواكب متطلّبات المرحلة الحالية، مثل تلك المرتبطة بالاصلاحات المطلوبة لوقف النزيف الاقتصادي فضلاً عن قوانين مالية مثل الكابيتال كونترول”، مشددةً على “ان همّ الناس اقتصادي اجتماعي وليس قانون الانتخاب ومهلة تشكيل الحكومة”.
وفي الختام، سألت الاوساط “لماذا تحاول قوى الثامن من اذار تحويل الانظارعن الاساس في هذه المرحلة والذهاب الى ما هو ثانوي بنظر المواطنين الذين ينتظرون من يبشرهم بانفراج في المجالين الاجتماعي والاقتصادي”؟