وجّهت رئيسة “الكتلة الشعبية” ميريام سكاف، في الذكرى الخامسة لرحيل إيلي سكاف، كلمة قالت فيها: “قاسية كثيرا هذه الدنيا، خمس سنوات على غيابك، ماذا أخبرك عن التغيير الذي طالنا في مثل هذا النهار الذي ودعناك فيه، حيث كانت طريق بيروت زحلة خطا يشبه استقامتك.. شوارع من الناس في ثياب الحداد والبكاء نزل مثل الرصاص. كنا قادرين على رفع مراسم الحزن، أما اليوم فصار الحزن يطوقنا.. كنا قادرين أن نصلي اليك أما اليوم فأصبحت الصلاة في القلوب وعن بُعد”.
وأضافت: “العالم معتقل.. الألم سكن بيننا والعذاب الذي مر عليك “يا ايلي” في ايامك الصعبة صار .. عذاب الدنيا كلها، وجهاز التنفس الذي كان رفيق ايامك الاخيرة هو اليوم جهاز لملايين الموجوعين. بعد رحيلك، تعبت روايا الارض، ضاق النفس .. وبين سنة وسنة صار حلمنا اليوم أن نهزم الكثير من الامراض الي تراكمت فوق كتافنا… قاسية الدنيا من بعدك، والأسى يكمن بعدم قدرتنا الاجتماع على جنازتك السنوية. اللقاء صار .. جريمة والتباعد هو الشعار الذي يجمعنا, ويا الله كم سنحارب من الامراض لنحارب. نحدثك عن ألم الناس من جائحة العصر؟ او عن اوجاعهم الكبيرة من وطن مريض”؟
وتابعت: “اليوم كما أتمنى الشفاء لكل من اختبر هذا الوباء .. أيضا أتمنى الشفاء لبلدنا لأن ما يمر به اليوم هو: كورونا سياسية اجتماعية اقتصادية حياتية. وكل الخوف ان يصبح لبنان الذي بات على جهاز التنفس في النفس الاخير. وكما نصلي للموجوعين نملأ الصلوات لبلدنا .. ولشعب آمن بوطنه وتمسك بأرضه وفجأة شاهد مدينته تحترق , عاصمته تقع، والاحلام طيّرها عصف. جرحك يا بيروت علّم فينا. الذين رحلوا لم يكونوا رقما، هؤلاء ناس اصحاب رفاق كان لديهم أمل ومشاريع يريدون استكمالها، هؤلاء عمر ورحلة قهر”.
وأكدت “أننا لن ننسى ما مرَّ عليكم ويجب أن تكون جروحكم رسالتنا ولن ننسى ان حقيقتكم لا زالت غامضة وأن 200 ضحية وآلاف الجرحى ومئات البيوت المدمرة ما زالت تفتش عن سر الموت”، مضيفةً: “حقكم علينا يا اهل مدينتنا , ويجب أن يبقى صوتنا عاليا ولكن نحن مواكنين لا دولة نحن اليوم كتلة مشاعر لا كتلة سياسية ربما لهذا السبب نحن أصدق. بيروت جعلتنا نشعر للمرة الاولى اننا كلنا بيارتة. كلنا اهل هذه المدينة المجروحة وان غبرتك يا بيروت دخلت كل قلب بكل حب. الآن الى أي حد يترجم هذا الكلام على مستوى الدولة والتحقيقات؟ هذه لغة صعبة”.
وطالبت بـ”الإسراع في انجاز ملف متكامل بجريمة المرفأ”، قائلةً: “دعونا نقول لهؤلاء الناس المجروحة ان اولادهم وأهلهم لم يذهبوا “فرق عملة واهمال”. القلوب فعلا محروقة، ولا ينقصها مزايدة في الكلام .. ولكن لول مرة واحدة دعونا نشعر انّنا بدولة تحترم ضحاياها وفي نيتها أن تخبرهم كل الحقيقة. وحتى اليوم .. ما زلتم تعيشون المسرحية نفسها: هذا وقّع .. هذا لا علاقة له.. راسلوا لم يراسلوا.. هيئة قضايا.. اجهزة امنية المدراء.. الوزراء.. المسؤولون هل من أحد منهم تقدّم للمحاسبة؟ ما زلنا عند مستوى الموظفين.. الملحمين.. الذين لا كبير لهم؟ حسنا..هذه حقيقة برأيكم”؟
وأردفت: “كما لأهل بيروت الحق معرفة هوية المجرم الذي تسبب بموت أولادهم، حقنا كلبنانيين بشكل عام أن نعرف الهوية الكاملة للمجرمين الذين قتلونا بعد أن سرقونا وبشّرونا بجهنم. وكم هناك من حقائق يجب أن تكشف أمام اللبنانيين. من سرق حلم عمرهم؟ من تركهم للمصير المجهول حتى أصبحوا يتمنون الهجرة والسفر بعبّارات الموت؟ من سمح لمستقبلهم أن يطوف على شواطئ المتوسط؟ ويصيروا جثثا ضائعة تفتش على اسم وهوية. نحن مزيج من كل هذه الناس.. المهاجرين والمقيمين بألم وحسرة.. والطامحين لإنقاذ أولادنا من مصير مجهول”.
وتساءلت: “أين كانت دولتنا من كل هذا الخطر؟ ألم تشعر ان الدمار سيصل الينا؟ ألم تحس أن يجب عليها التحرك قبل وقوع الكارثة؟ ونستغرب لماذا كان هناك ثورة في تشرين؟ هذا اقل الايمان ان الناس تنتفض على واقعها، وتندلع ثورة ناس من أنقى الثورات في عالمنا الحديث، وعندما تكون محروقا وموجوعا تشعر ان عليك العودة الى الارض لتّربي فيهن الارض”.
ومضت قائلةً: “على مشارف الذكرى الاولى لثورة 17 تشرين العظيمة نجدد املنا بالتغيير ونؤكد ان الكلمة الأولى والاخيرة هي للناس القادرة وحدها على التغيير . يكفي تخدير ونفاق، واستدعاء وساطات دولية وانتم تعرفون ان مشاكلكم تستطيعون حلها بلحظة تفاهم. وضعتونا في المعادلات الاقليمية والانتخابات الاميركية وصراعات ايرانية سعودية واميركية ووساطات فرنسية وترسيم حدود لبنانية مع اعداء اسرائيلية. لكن ما ذنب الناس لتنتظر؟ ما علاقتهم بمعادلاتكم؟ وكل الذي نطلبه مجرد حياة عادية”.
وقالت: “وبجردة سنة، جرّدتمونا من حقوقنا، وبكل خيبة امل نراكم من تشرين الى تشرين.. عائدين الى نقطة الصفر وكأن لا شيء تغير. زالذين استقالوا تحت ضربات الثورة وكل الذين انسحبوا من الحكومة بات لزاما علينا أن نراهم زعماء للانقاذ وقيادات ثورة! الطبقة نقسها تعيد انتاج نفسها. كلن يعني كلن. ولكن يعودون: كلن يعني كلن! ربما فهمتوا على الثورة خطأ. انتم مسرورون ان كل المسؤولين في العالم يأتون ليغسّلوكم في “البهدلة ترتاحون عند سماعكم الاهانات؟ اذا انتم لا تستحون.. لا فنحن شعب يحس ولديه من نفسه وكرامته. ويدرك أنكم اليوم عائدون الى المنظومة ذاتها. وبعد أن سرقتم احلام النا واعتقلتم أموال الشعب تهددونه برفع الدعم عن حاجاته الاساسية . هل ما زال هناك من حكام بهذا المستوى؟ تختلفون على ماذا اليوم؟ على استشارات؟ رئيس حكومة مكلف؟ رئيس يتكلّف ولا قدرة لديه للتأليف، حكومة تصريف لا تصّرف، رئيس ذهب في تشرين الاول وعائد في تشرين الثاني، ثنائي ومثالة ومداورة ودستور يتكسر تحت دعساتكم. الذين استحوا ماتوا.. لكن انتم ما زلتم احياء تتقاسمونا ونحن جثث واشلاء.. وهذا العهد ماذا ينتظر بعد؟ وكم حقق من انجازات؟ مر الكثير ولم يحقق ولا حتى القليل، لا احد يخبرنا “ما سمحولنا” و “ما قدرنا “، لأن ما نعرفه في الدول التي تحترم نفسها وناسها من لا يسمحوا له بالعمل يغادر وقبل المغادرة يقول الحقيقة. هذه الحقائق التي اعتدنا عليه , وهكذا تعلمنا والساكت عن الحق شيطان ولا زال اخرس”.
وأضافت: “لكن الى متى؟ جميعكم يعيش التناقضات.. منكم الساكت.. ومنكم الراضي.. والذي عاش على امل أن يتغير شيء ما غدا.. أين نوابنا اليوم؟ وأين الاحزاب؟ وأين التيارات؟ ألستم انتم من جرّمتمونا عندما انتقدنا تحالفاتكم على حساب الغاء الاخرين لتحالفات أصبحت مدعاة للسخرية والتفاهمات التي كانت على حسابنا تبّين انها مجرد حسابات وهمية, وهذه الحسابات أيضا “تجيش” طائفياً ساعة تريدون . للأسف، الاحتقان هو الغالب وكل ما انتقدنا زعيما او مسؤولا تستنفر العصبيات المذهبية والحزبية للدفاع عنه، وهنا المواطن المحزّب والتابع والناشط ايضا يتحمل مسؤولية. انت كيان وحر ولك رأيك، وليس كل ما وجدت أحدا يخالفك الرأي يحوّلوك الى متراس طائفي بغيض. تستثمرون بغضب الناس وتأخذوهم رهائن لزعامتكم. وكما نلوم دولتنا أيضا هناك لوم كبير لكل مواطن، ينجرف وراء المذهبيات والحزبيات ويقبل ان يكون “كيس رمل” للزعامات”.
واعتبرت أن “الثورة في تشرين هدّت كل الاصنام وهزّت عروش وكيانات، وثمارها رأيناها بسقوط حكومات وبفرض خيارات حرة، وم زالت النتائج مثمرة واخرها في الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية الاميركية. وباعتقادنا ان الكورونا هي وحدها حمت السلطة، ولولا الخوف من انتشار الوباء لرأينا الناس صنعت بلدا وجرفت اصناما”.
وتابعت: “اذا أردنا التحدث على “قدنا .. قد مدينة زحلة” أين نوابنا من كل الذي حصل؟ جوابنا انكم كنتم أداة .. وملحقين .. ولم تفكروا الا بمصلحة احزابكم وتياراتكم لا بمصالح اهلنا . بعضكم استقال شكليا ..وقلبه مع السلطة، والبعض الاخر هو سلطة وغير قادر على المواجهة، نواب في تكتل .. وتغرد خارج السرب. نواب خرجوا من السرب وتخصصوا بالتنظير. لا أحد يحاول أن يبيعنا مواقف ولا يعلّمنا كيف يكون الوجود. اليوم .. مصلحة لبنان اهم من كل مصالحكم .. وبفرصة اخيرة ندعو السلطة الى الاعتذار من كل اللبنانيين .. والاعترف انها كانت على خطأ. ولكن أيضا مجرد الاعتذار لن تطعم الناس الخبز. حتى الخبز سيصبح بـ”الشحادة”. والدواء والبنزين ببطاقة تموينية. وسيقف المواطن كالمتسول على ابواب .المستشفيات والصيدليات والافران. أين كنا من سنة وأين أصبحنا”.
وختمت قائلةً: “اما الخمس سنوات على غيابك يا ايلي فهم دهر. الآوادم رحلوا وظل المتآمرون النائمون. الناس تريد من اليوم وصاعدا حكاما واعين لا ينامون”.