كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم“:
ما هي الآفاق المُتاحة للبنان، سواء أصبح الرئيس سعد الحريري رئيساً مكلّفاً بتشكيل حكومة جديدة بالفعل أو لا، لا سيّما أن مشاريع سياسية كثيرة تُحضَّر، منها ما سيُعلَن قبل نهاية العام الجاري، ومنها ما لا يزال طي الكتمان، وهو ما يجعل مساعي الحريري غير واضحة المعالم من حيث التعاطي مع “حزب الله”، مثل من يذهب الى حجّ عاد الكلّ منه، منذ وقت طويل جدّاً، فيما لا شيء يؤكّد أن أحداً سيعود الى ممارسته في وقت لاحق.
فالصّراع الأميركي – الإيراني لا يزال مستعراً في العراق، وهو ما لن يتمكّن لبنان من الخروج من مفاعيله بسهولة. فضلاً عن أن معطيات داخلية وإقليمية ودولية كثيرة، تؤكد أن لا شيء عملياً يمكن انتظاره، سواء تمّ تشكيل حكومة لبنانية سريعاً أو لا.
أوضح مصدر مُطَّلِع أنه “إذا كانت المرحلة القادمة فترة مواجهة مع “حزب الله”، فهذا يعني أن الرئيس سعد الحريري لن يكون رئيساً للحكومة. فمقارباته تجاه “الحزب” مختلفة عن تلك التي لشقيقه رجل الأعمال بهاء الحريري. وإطلالته الإعلامية الأخيرة أكدت أن لا نيّة لديه (سعد الحريري) بالتصويب على “حزب الله”، خصوصاً أنه اكتفى بتحميل “الثنائي الشيعي” مسؤولية إفشال المبادرة الفرنسية، دون أن يركّز على دور “الحزب” العسكري”.
وشدّد في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” على أن “لا شيء إسمه “نيو” مبادرة فرنسية على الإطلاق. فالفرنسيون “زُرِكوا” بإفشال مبادرتهم، وهم لا يريدون الإعلان عن ذلك لأن هذا الإعتراف يُضعف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سياسته الخارجية. ولذلك، تحاول باريس حتى الساعة الخروج بأفكار، ولكنّها تتّجه نحو مزيد من الفشل، خصوصاً مع تعميق الحديث عن حكومة تكنو – سياسية في لبنان، وهو ما سيستنهض دور الكتل النيابية في تشكيل الحكومة، بما يتعارض مع مبادرة ماكرون التي قامت على حكومة تكنوقراط إنقاذية مستقلّة”.
وتعليقاً على التعقيدات في العلاقات الأميركية – الإيرانية على الساحة العراقية، وتأثيرها على لبنان واستحقاقاته، قال المصدر:”واشنطن هي اللاعب الأكبر على الساحة الشرق أوسطية كلّها حالياً، ولكنها لن تسهّل تشكيل حكومة لبنانية قبل وضوح نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية”.
وشرح:”لا حكومة لبنانية قريباً إلا إذا كانت على شاكلة حكومة تصريف الأعمال المستقيلة. وهي ستكون في تلك الحالة حكومة “ترقيعة” صغيرة، الى حين بلوغ موعد 20 كانون الثاني القادم، اليوم الذي ستبدأ فيه مهام الرئيس الأميركي الجديد رسمياً”.
وأكد أن “المبادرة الفرنسية، التي أطلقها ماكرون باتّفاق مع الأميركيين، تقوم في الأساس على تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلّة لمدّة ستّة أشهر، يبدأ احتساب مدّتها منذ الفترة الأولى من آب الفائت تقريباً. وهو ما يعني أن الأشهر الستّة تنتهي في 20 كانون الثاني القادم، موعد بدء ولاية الرئيس الأميركي في “البيت الأبيض” رسمياً، بعد الإنتخابات الرئاسية. فالأميركيون يُمسكون بالملف اللبناني، إلى ما بعد هذا التاريخ، حتى ولو تمّ تشكيل حكومة لبنانية قريباً. فلماذا بدأ ماكرون يتحدّث عن مهلة الأشهر الستّة في آب؟ وهل تكفي تلك المدّة لتحقيق الإنقاذ المالي والإقتصادي؟ بالطبع لا. ولكن كل شيء يدور حول تاريخ 20 كانون الثاني القادم”.
وشدّد المصدر على أن “الأميركيين يحثّون الحكومة العراقية على إلغاء حركات المقاومة العسكرية التابعة لإيران في العراق، مقابل التهديد بالرحيل من هناك، وهو ما سيفتح العراق على مرحلة إرهابية أسوأ من تلك التي عانى منها خلال سنوات سابقة. فـ “التحالف الدولي” هو الذي أوقف “داعش” عند حدوده في العراق، ورحيل واشنطن من بغداد سيجعل التنظيم يتمدّد هناك من جديد، وذلك كما كان حصل في عام 2014″.
وأضاف:”اللّعبة في المنطقة موضوعة ضمن إطار محدّد بخطوط حمراء يُمنَع تجاوزها لغاية 20 كانون الثاني القادم”.
وختم:”إذا أُعيد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولاية ثانية، فهذا قد يسرّع وتيرة الأحداث قليلاً. أما انتخاب المرشّح الديموقراطي جو بايدن، فهو سيجعل كل ما له علاقة بلبنان معلَّقاً الى ما بعد 20 كانون الثاني”.