Site icon IMLebanon

تحويلات المغتربين… تراجع 25% يُهدد 200 ألف عائلة

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:

“لم أكن يوماً أفهم كيف تتوافد العاملات الأجنبيات إلى لبنان للعمل ليل نهار مقابل 150 دولاراً، وهو مبلغ كنا ننفقه في حال خروجنا للعشاء أو للتسوق الأسبوعي لأغراض المنزل. اليوم، وبعدما باتت ورقة الـ100 دولار التي كانت تصرف على أساس 150 ألف ليرة تساوي حوالي 850 ألف ليرة لبنانية، باتت الصورة أوضح. بتنا ننتظر ما سيحوله لنا أخي المغترب بالدولار الأميركي لأن رواتبنا لم تعد تساوي شيئاً يذكر”. هكذا وصفت ندى يونس (28 عاماً) وضعها الحالي الذي ينطبق على معظم اللبنانيين الذين تضررت مداخليهم مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، وباتوا يتوقون لمصدر خارجي للأموال، أي التحويلات الحديثة بالدولار الأميركي.

ففي الوقت الذي يتقاضى 90 في المائة من اللبنانيين رواتبهم بالليرة اللبنانية، يسعى قسم كبير من الشباب اليوم للهجرة بعدما باتت رواتبه تساوي ما بين 100 و500 دولار أميركي، وبالتالي لا تكفيه لأكثر من أسبوعين نتيجة الغلاء الذي بلغ مستويات جنونية، ويبحث قسم آخر عن عمل يقوم به من دون أن يضطر للهجرة لصالح مؤسسات إقليمية ودولية تحوّل له أموالاً بالدولار الأميركي، سواء عبر المصارف أو عبر شركات تحويل الأموال.

وتستفيد نحو 200 ألف عائلة من تحويلات خارجية لأفراد منها يعملون في المهجر. وباتت هذه العائلات تنتظر بفارغ الصبر هذه التحويلات التي رفعت من مستوى معيشتها بعكس الغالبية العظمى من اللبنانيين. وقال الباحث في الشركة الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، إن التحويلات الرسمية التي وصلت إلى لبنان في عام 2019 قدّرت بـ7 مليارات دولار وهو المبلغ المقدّر نفسه للمبالغ التي وصلت نقداً. ويرجح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هذه التحويلات تراجعت في عام 2020 بحدود 25 في المائة نتيجة الأزمات التي تشهدها الدول التي يعمل فيها اللبنانيون في الخارج.

وبحسب الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان تأتي أكثر من 30 في المائة من هذه التحويلات من الأميركتين، أي دول أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية، يليها الخليج العربي ومن ثم أفريقيا، مشدداً على أهميتها لمالية الدولة والاقتصاد اللبناني وخاصة في المرحلة الراهنة «باعتبارها تُدخل الدولار الطازج إلى البلد الذي نحن بأمس الحاجة إليه بسبب الشح الحاصل، وبسبب اتكالنا على الاستيراد لمعظم المواد الاستهلاكية وهو ما يتطلب عملات أجنبية»، لافتاً إلى أن «دخول كميات كبيرة قد يؤدي إلى لجم تدهور سعر صرف الليرة ولو بشكل نسبي».

ولطالما شكلت تحويلات اللبنانيين المصدر الأهم لدخول العملات الأجنبية إلى البلاد، في ظل تقلص المداخيل السياحية التي كانت تشكل نحو 20 في المائة من الناتج الوطني، وتراجع الاستثمارات والرساميل الوافدة، يضاف إليها نحو 3 مليارات دولار من الصادرات.

وتقول ندى يونس، وهي شابة لبنانية تعمل في مجال المحاسبة، إن شقيقها الذي يعمل في إحدى الدول الأوروبية، اعتاد أن يرسل إلى عائلته نحو 700 دولار أميركي بشكل شهري، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «وبعد انهيار سعر صرف الليرة بات هذا المبلغ يساوي الكثير هنا، لذلك تعمد والدتي لادخار قسم منه لما تقول إنها (أيام سوداء) مقبلة على البلد».

ويعمد القسم الصغير من الموظفين الذين يعملون لصالح مؤسسات خارجية وبالتالي يتقاضون رواتبهم بالدولار لشراء عقارات وأراض بعدما باتت هذه الرواتب تساوي 8 مرات ما كانت تساويه قبل نحو عام. ويقول داني مراد (36 عاماً) إنه «وبعد فقدان الثقة بالمصارف، بات العقار أفضل طريقة لضمان أن ما نجنيه لن يذهب سدى». ويضيف مراد لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أسحب مباشرة كامل راتبي بالدولار الأميركي خوفاً من تعميمات جديدة لمصرف لبنان يؤدي إلى إجبارنا على قبض الرواتب بالليرة اللبنانية. وها أنا حالياً أسعى إلى شراء عقار مستفيداً من الظرف الراهن باعتباري من اللبنانيين المحظوظين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي».