اعتبر رئيس حزب التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ان من يريد ان يرأس حكومة اختصاصيين يجب ان يكون هو الإختصاصي الأوّل، او “يزيح” لاختصاصي، ومن يريد ان يرأس حكومة سياسيين، فمن حقّه، اذا كان هو السياسي الأوّل، ومن يحب ان يخلط بين الإثنين، يجب ان “يعرف يعمل الخلطة، بس بلا تذاكي وعراضات اعلاميّة””.
وقال باسيل في كلمة لمناسبة ذكرى 13 تشرين: “30 سنة، سنة ورا سنة، من النار والنضال، من الشقاء والعذاب، من الظلم والاستهداف، من الحرب والسلم، من النفي والسجن للحكم، من القهر بالخارج وبالداخل، بالإعلام المأجور وبالسياسة، بالأمن وبالإقتصاد… بكل الوسائل، بكل الظروف، وبكل العالم بوجهنا ونحن نواجه 13 تشرين ورا 13 تشرين. والكل معتقدنا عم نخسر وننتهي، ونحنا عم نعمل بداية جديدة للتيار وعم نتجدّد”.
وسأل باسيل: “بتتذكّروا لما قالوا انتهى الكابوس؟ بتتذكّروا لما قالوا انتهى عون؟ بتتذكّروا لما قالوا انتهت العونية؟ كانوا يتنمروا علينا، متل اليوم ويسألونا: بعدكن عونيين؟ بعدكم مآمنين؟ بعدكم مصدّقين؟ هم يقولوا “ضروري وشرعي وموقّت”، ونحنا نقول “حرية سيادة استقلال”! مين بقي؟! أي شعار مات؟ وأي شعار ما بيموت؟ وقتها كنا بضع مئات وبقينا، واليوم نحن مئات الألوف، وقتها كنا وحدنا وبقينا واليوم نحنا مش وحدنا، وقتها المعادلة الداخلية والخارجية كانت ضدنا وبقينا، اجتمعوا علينا من جوّا ومن برّا وبقينا، وقتها اجت طيّارة وفوقها طيّارة وبقينا، اليوم الطيّارة ومعادلتها انكسرت وما بقا تنفع، المعادلة يلّي عم تحمي لبنان اليوم كسرت الطيّارة، ونحنا بصلبها.. ما بتنفع طيّاراتكم، ولا تهديداتكم، ولا عقوباتكم! ”
واعتبر باسيل ان “اليوم الخطر هو من نوع ثاني، ولذلك سمّيناه “13 تشرين اقتصادي”، لأن الخطر مالي اقتصادي ويهدّد الكيان بالزوال، فمحنة اليوم هي الأصعب، لماذا؟ لأن الإصابة اليوم تطال شعبنا، بلقمة عيشه، بعمله، بمعاشه، بايداعاته وبمدّخراته وبتعليم اولاده. المواجهة اليوم هي على شعبنا … هي مواجهة شاملة بالإعلام وبالمال وبالسياسة وبالحرب النفسية، وبشلّ القدرة على التفكير السليم، وبغسل الأدمغة بالثورات الملوّنة، المصطنعة جزئياً والمموّلة خارجياً. فالمواجهة هي اقتصادية مالية لتركيع البلد والناس، والسلاح هو الدولار، والدولار ليس بيدنا، الدولار بيد من يطبعه! هذه نقطة ضعفنا وهم يستغلّوها. لذلك بالمقاومة السياسية نصمد وننتصر، بينما بالمواجهة الإقتصادية نفكّر مرتين، ليس لأننا ضعفنا ولكن لأن شعبنا ضعف ولم يعد يستطيع ان يتحمل الضغوطات المالية. فنحن لم نضعف، بل كلّ همّنا هو شعبنا أن لا ينكسر أكثر، وهم همّهم كيف يكسروننا!”
وقال باسيل: “اقسى ما في الحياة ان يعيد الانسان التجارب المميتة نفسها من دون ما يتعلّم… عندما يؤذي الإنسان نفسه او يقتل نفسه، فهذا أمر ممكن توقعه لأنّه يتعلّق بشخصه؛ ولكن ما لا يمكن انك توقعه او تقبله او تفهمه هو أن يقتل انسان مجتمعا بكامله من دون أن يتعلّم. فالمجرم هو الذي يقتل إنسانا بريئا، ولكن ماذا نسمّي الذي يقتل مجتمعا بكامله بسبب نزواته وعقده النفسيّة؟! أي لقب نعطيه؟”
وتابع: “انا أتكلم عن لعبة ديمقراطيّة عاديّة. ويستطيع إنسان ان يتأمّل بانتخابات، بلحظة او بفورة معيّنة، ان تأتي لمصلحته! هذا حقّه وخاصةً اذا عاش كل حياته على هذا الحلم! “خلّيه يحلم مش مشكل”. فالمشكلة ليست الديمقراطيّة، بل هي أمنية، لأننا بدأنا نرى مظاهر تفلّت أمني من بعد 17 تشرين وأصبحت تأخذ أشكالا مريبة: ساعة غرفة عمليّات وقطع ممنهج للطرقات، وساعة عمليّات انتشار وخطط تقطيع أوصال وحواجز، وساعة مظاهر وعروض شبه عسكرية ورسائل تهديد… وصولاً لميرنا الشالوحي!”
وأضاف: “أريد أن أقول كلمتين: حطّ اليد على مجتمعنا بالقوة ممنوع! بالمنيح وبالاقناع وبالاعلام وبالديمقراطيّة، “جرّب قدّ ما بدّك، ما في مشكلة! بس بالقوّة، ممنوع. وهيدي المحتلة والتمسكن والبيانات وبيمون الجنرال، منعرفها وقديمة وما بقى بتقطع علينا””.
واعتبر باسيل ان “هناك ظاهرة ثانية أسوأ وأخطر على المجتمع من الميليشيا، وهي الحراك الفوضوي لأنّه يزرع الفوضى ليس فقط بالمجتمع وبالإعلام، بل اخطر بالفكر! طبعاً نحن لا نتكلم عن الحراك الصادق الذي نؤيّده ونريده ان يستمرّ، ولكن للأسف “لا ساعد حاله ولا ساعدنا بحربنا على الفساد”. فنحن ياما نادينا المجتمع المدني قبل 17 تشرين، واليوم نناديه مجدّداً بذكرى مرور سنة ليستنهض نفسه، ولنتشارك معا بتحريك القضاء والملفات، وبإقرار القوانين العالقة. فالحراك اسمه معه، يجب ان يتمتّع بالدينامية البنّاءة الإيجابية، التي تقدّم الأفكار والمشاريع وترسم الأهداف التي تتحقّق وتجمع الناس حولها؛ لا ان يكون اداة هدم، تقفل المصارف والطرقات، وتدمّر المؤسسات والشركات، وتسرّع بانهيار العملة وزيادة التضخّم وتعطي العذر لوقف الدعم ولانسداد الأفق”.
وتابع: “نحن ندعو لإعادة تحريك الحراك على أسس صادقة وهادفة، ووضع برنامج تنفيذي للضغط على مجلس النواب بإقرار القوانين الإصلاحيّة لا قوانين العفو، للضغط على الحكومة باعتماد سياسات دعم للأفراد وليس للمواد، للضغط على المصرف المركزي بإعادة الأموال المهرّبة للخارج، للضغط على القضاء بإصدار الأحكام بالملفات العالقة عنده، للضغط على القوى السياسية لتكون جزء من الإصلاح لا تجهيلها وحمايتها عبر تعميم تهمة الفساد.”
وقال باسيل: “بالمناسبة، مش على علمنا ان الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون عيّن Prefet او مشرف عام على مبادرته ليقوم بفحص الكتل النيابية ومدى التزامها بالمبادرة”.
وتابع باسيل: “في كلّ مرّة نريد ان نؤلف حكومة هناك مشكلة، بسبب إضاعة الوقت وتعطيل التأليف، ومؤخراً بدأنا بموضة جديدة وهي اقتناص فرصة التأليف للإنقضاض على الدستور باختراع صلاحيّات وأعراف جديدة، وآخرها اعتبار فريق من اللبنانيين انّ الفرصة سانحة له ليحطّ يده من خارج الأصول والدستور على وزارة، واعتبار فريق آخر بالمقابل ان الفرصة سانحة له ليحطّ يده على كلّ الوزراء، ويسمّيهم هوّي من خارج كل الأصول حتى من دون امتلاكه لأي أكثرية ميثاقيّة او نيابية. فالصراع على السلطة والخوف من الآخر كبير لدرجة انّ الفريقين جاهزين لتطيير فرصة إنقاذ البلد مقابل تحصيلهم لمكسب”.
وأضاف: “بالمقابل، نحن بالتيّار الوطني الحرّ، نرى الفرصة سانحة اليوم ليس فقط لإنقاذ البلاد عبر المبادرة الفرنسية، بل أيضاً عبر إجراء تعديل دستوري يمنع الشغور بالسلطة التنفيذيّة ويقوم على فكرتين:
– إلزام رئيس الجمهوريّة بمهلة قصوى لا تتخطّى الشهر الواحد لتحديد موعد للإستشارات النيابيّة، تكون طبعاً ملزمة له بنتائجها، ولكنّها لا تكون مقيّدة للنواب بتحديد خياراتهم كما هم يرتأون.
– إلزام رئيس الحكومة المكلّف بمهلة شهر كحدّ أقصى لتأليف الحكومة وحصوله على موافقة وتوقيع رئيس الجمهورية على مرسوم التأليف، وإلاّ اعتباره معتذر حكماً، وإعادة فتح مهلة الشهر المعطاة لرئيس الجمهورية للإستشارات.
وطبعاً في الحالتين، يتوجّب على المجلس النيابي إعطاء الثقة أو حجبها بعد شهر من مهلة تأليف الحكومة وصدور مرسومها، (وتقصير المهلة الى اسبوعين في حال التكرار).
وإني أُعلن اليوم تقديم تكتلّ لبنان القوي لتعديل دستوري بهيدا الخصوص.”
وقال باسيل: “باختصار، لا نستطيع ان نقبل بشخصا لا زال يقول بعد 30 سنة انّه يريد ان يحافظ على السياسة نفسها والأشخاص نفسهم ويتوقّع نتائج مختلفة عن سرقة أموالنا وودائعنا وسحبها وخطفها للخارج. وبحسب القول الشهير: “الغبي هو يلّي بيعمل نفس الشي مرتين وبنفس الأسلوب وبيتوقّع نتائج مختلفة”.
وفي موضوع الفيديرالية، قال باسيل: “نحن لا نريد الفيديرالية، ولكن استمرار التعامي عن اللامركزية رح يأخذنا لما هو ابعد من الفيديرالية.
نحن لا نريد الفيديرالية، أكرّر، مش لأنّها تقسيم، بل لأنّها صيغة اتحاديّة متقدّمة للحكم لسنا جاهزين لها في مجتمعاتنا بعد. نحن لا نريد التقسيم ولا نقبل به ونعتبره قضاء على لبنان الرسالة والكيان والوطن والدولة. ولكن نحن نريد اللامركزية بمعناها الواسع، والإستمرار بالتعامي عنها لن يأخذنا الاّ الى صيغ متشدّدة أكثر حولها”.
وتوجه باسيل إلى مناصري التيار قائلاً: “هذه هي البداية للبنان الجديد المتجدّد الذي نريده بـ 13 تشرين بعد 30 سنة من النضال. وبظلّ كل العواصف التي تجتاحنا، ومن دون ان نضيّع أولويّاتنا وننسى انّ الأولويّة المطلقة اليوم هي لوقف الإنهيار المالي والإقتصادي، ولتأليف حكومة تنجز هالمهمّة وتمنع الوطن من الإنزلاق للفوضى والفتنة، تبقى مهمّتنا انّ نعمل للبنان المدني العصري الذي يجب ان يكون على مستوى شهادة أبطالنا، وتبقى مهمّتنا ان نمنع الوطن الصغير، لبنان الكبير، انّ ينبلع أو ينهضم أو يتفتّت او يتقسّم، وتبقى مهمّتنا ان نحافظ على الحريّة بهذا البلد بوجه الأحادية والإرهاب، وانّ نحافظ على ثروات البلد وحقوقه، ونعرف كيف نوزّعها على الأجيال القادمة وكيف نتقاسمها بالحق وبالقانون الدولي لنخلق ثقافة السلام المبني على قوّة لبنان، وانّ نحافظ على هذا البلد بنفس الوقت واحة سلام ومقاومة لكلّ ظلم”.