حرّكت مبادرة الرئيس سعد الحريري الرمال الحكومية بعد جمود ضربها نتيجة “الخيانة الجماعية” التي ارتكبتها القوى السياسية بحق المبادرة الفرنسية على حدّ وصف الرئيس ايمانويل ماكرون.
ورمى رئيس التيار الازرق حجر “حكومة الانقاذ” بمهلة محددة في المستنقع الحكومي وبدأ جولة مشاورات واتصالات لاستمزاج اراء القوى السياسية استهلها امس بلقاء رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري، وتستكملها اليوم كتلته النيابية بإجتماعات مع الكتل النيابية والاحزاب.
وبإنتظار إتّضاح المواقف من مبادرة الرئيس الحريري وما اذا كُتب النجاح لها فيُكلّف رئيساً للحكومة للمرّة الرابعة في الاستشارات النيابية المُلزمة المُقررة بعد غد الخميس في قصر بعبدا، يبقى الامتحان الاصعب في التشكيل وهوية الوزراء. فهل سيكونون فعلاً مستقلّين عن الاحزاب السياسية كما “تشتهي” سفن الرئيس الحريري ام اننا سنعود الى الدوّامة ذاتها في إختيار كل حزب الحقيبة التي يريدها، بإعتبار ان الرئيس المكلّف شخصية سياسية وليس تكنوقراط مستقلّة كما قال رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط امس.
ومع ان القوى السياسية تردد المعزوفة ذاتها لجهة مطالبتها بحكومة اختصاصيين تكون مهمتها تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، غير ان الكلام شيء والواقع شيء اخر، وتكفي مراجعة لمواقفها من استحقاق تشكيل الحكومات في السنوات الاخيرة، حيث طالبت في العلن بشيء لكن الواقع كان مغايراً، حتى انها لن تتخلّى بسهولة عن مطالبها وهي ستلجأ الى شتى الوسائل والحجج تارةً الدستورية وطوراً الميثاقية حتى تُحقق ما تريده ولو على حساب لبنان واللبنانيين.
وفي الاطار، تأتي عقدة وزارة المالية التي يحتفظ بها الثنائي الشيعي منذ العام 2014 رافضاً التخلّي عنها وفق مبدأ المداورة بحجّة انها حق ميثاقي للطائفة بالتوقيع الثالث على المراسيم بعد توقيع رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنّي.
وإنطلاقاً من عقدة المال، تشير اوساط سياسية مواكبة للاتصالات الجارية للاتفاق على تشكيل حكومة جديدة لـ”المركزية” ان اجتماعات عُقدت في الاونة الاخيرة بين شخصيات اقتصادية مستقلّة وسياسيين يمثلون الثنائي الشيعي للبحث في الافكار التي لدى هذه الشخصيات حول التشكيل وكيفية تذليل العقبات، لاسيما حقيبة المال التي يصرّ الثنائي على ان تكون من حصّته.
وتبين لهؤلاء السياسيين بحسب الاوساط “ان الحلّ الافضل للمحافظة على الديناميكية الحاصلة في ملف التشكيل ان تبقى وزارة المال مع رئيس الحكومة وان يُسمّي شيعي وزير دولة لشؤون المال، في تكرار لتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري اوائل التسعينات، حيث كان وزيراً للمالية والرئيس فؤاد السنيورة كان وزير دولة لشؤون المال”.
واعتبرت الاوساط “ان هذا المخرج من شأنه إنهاء “الجدل البيزنطي” حول وزارة المال ويُمكّن رئيس الحكومة من قيادة حكومة مهمة إنقاذية تتشكّل من فريق عمل متجانس تبدأ بورشة الاصلاحات التي يُطالب بها اللبنانيون والمجتمعان العربي والدولي”.
وختمت الاوساط “بان مبادرة الحريري هي الفرصة الاخيرة لإنعاش المبادرة الفرنسية، لان لبنان لم يعد يحتمل مزيداً من التسويف وهدر الوقت. فما النفع لو ربح فريق سياسي معيّن حقيبة بالناقص او بالزائد وخسر الوطن”؟