كل شيء بات جاهزا “تقريبا”، للجولة الاولى من المفاوضات التي تنطلق غدا بين لبنان واسرائيل ومحورها ترسيم الحدود البرية والبحرية، برعاية الامم المتحدة في الناقورة. وعشية الاجتماع – الحدث، التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش. كذلك، رأس عون في حضور وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزيف عون، اجتماعاً للوفد اللبناني الرسمي الذي سيتولى غداً التفاوض التقني لترسيم الحدود الجنوبية.
قلنا “تقريبا”، لان ثمة تفاصيل “شكلية” لا تزال عالقة ومدار اخذ ورد في الداخل اللبناني، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، تتعلق بالمشهدية التي سترافق المحادثات اللبنانية – الاسرائيلية، وبالتقاط صورة تذكارية للقاء. فحتى الساعة، القوى الممانعة وعلى رأسها حزب الله، ترفض مطلقا التقاط هذه الصورة، على اعتبار انها ستكون مثابة هدية ثمينة يقدمها لبنان لكل من تل ابيب وواشنطن. أما رئيس الجمهورية، فلا يمانع. هذه المسألة ستُبتّ بين اليوم وغدا، وفق المصادر، لتصبح درب التفاوض سالكة سيما وان بعبدا يبدو قرر تجاوز ملاحظات السراي امس على “كيفية تأليف الوفد” وغض النظر عنها.
الا ان الاهم يبقى في ان هذه المحادثات، سيخوضها من الجانب اللبناني، وفد عسكري – تقني بحت، بعد ان لم ينجرّ لبنان الى فخّ رفع مستوى الوفد الذي يمثّله الى الناقورة، الى مستوى سياسيين او دبلوماسيين. فقد حسم الرئيس عون الجدل حول هذه النقطة امس باعلانه ان الوفد سيضم كلا من العميد الركن الطيار بسام ياسين رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة ادارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، الخبير نجيب مسيحي، اعضاء. اما اسرائيل، فطعّمت وفدها العسكري بسياسيين، حيث يضم المدير العام لوزارة الطاقة أودي أديري، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، رؤوفين عازر، ورئيس دائرة الشؤون الاستراتيجية في الجيش الاسرائيلي. ففي رأي المصادر، تل ابيب ارادت تحميل الاجتماع اكثر مما يحمل ووضعه في سياق عمليات التطبيع التي باشرتها مع دول عربية، فيستثمره كل من نتنياهو والرئيس الاميركي دونالد ترامب، الا ان طبيعة الوفد اللبناني قطعت عليها الطريق، وهنا، تستغرب المصادر المزايدات المحلية على موقف الرئيس عون في هذا السياق، وهو اعطى اليوم توجيهاته للوفد المفاوض مشددا على أن المفاوضات تقنية، ومحددة بترسيم الحدود البحرية، وعلى ان البحث يجب أن ينحصر في هذه المسألة تحديدا.
الطريق الى الترسيم لن يكون سهلا بل شاقا ومعقدا، تتابع المصادر، غير ان الحضور الاميركي القوي في صلب المفاوضات، التي عملت واشنطن جاهدة لاطلاقها والذي سيتكرس بمشاركة نائب وزير الخارجية الاميركية دافيد شينكر في الناقورة، ومعه السفير الذي سيكلف متابعة الملف جون ديروشر، يفترض وفق المصادر ان يشكّل عامل ضغط نحو الاسراع في التوصل الى اتفاق بين الجانبين. فالتفاوض ليس معزولا في المكان والزمان، بل يدور وسط عزم اميركي واضح على وضع المنطقة كلّها على سكة التسوية والتهدئة عبر محاصرة ايران واضعاف اذرعها العسكرية وتأمين حدود اسرائيل الشمالية. وبحسب المصادر من غير المستبعد ان تستتبع مفاوضات الترسيم بدفع نحو اثبات لبنانية مزراع شبعا، أما اي عرقلة او تسويف في المفاوضات فسيقابل حكما بعقوبات اميركية وتشدد اضافي في التعاطي مع حزب الله وداعميه سياسيا وماليا وعسكريا، تختم المصادر.