كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
عدا الإرباك المتصل بوجود مدارس وأساتذة وطلاب في مناطق «حمراء»، ترك اليوم الدراسي الأول انطباعاً مريحاً في صفوف المعلمين والتلامذة وأهاليهم، ولا سيما لجهة التدابير الصحية الاحترازية والوقائية المتخذة في الثانويات الرسمية والخاصة، أو أنّه أتى بالحد الأدنى «أفضل من المتوقع»، بالنظر إلى التهيّب الذي سبق افتتاح المدارس وبدء التعليم المدمج. مع ذلك، ثمة من خرج من المديرين والمعلمين وأولياء الأمور ليقول إنه يصعب تقييم واقع التعليم الحضوري منذ اليوم الأول، وخصوصاًَ أن الجميع أمس كان تحت المجهر وأعين الكاميرات، والعبرة بالثبات والاستمرارية، وخصوصاً بعد دخول تلامذة السنوات التعليمية الأخرى.
وبحسب إحصاءات وزارة التربية، فتحت أمس 677 متوسطة وثانوية رسمية أبوابها من أصل 1235 مدرسة، وتراوحت نسبة حضور تلامذة التاسع الأساسي والثانوي الثاني والثانوي الثالث في المدارس المفتوحة بين 65% و100% تبعاً للمناطق. في محافظة الجنوب مثلاً، أقفلت 9 مدارس تقع في مناطق مقفلة وأقفلت مدرستان قسراً لكون المعلمين يسكنون في مناطق محجورة، في حين فتحت 85 مدرسة، وبلغ المعدل العام للحضور 70%. وفي محافظة عكار، بلغت النسبة الأدنى للحضور 74%، ولامست المشاركة في بعض المدارس الـ 100%. الجدير ذكره أن هذه النسبة تخص المجموعة الأولى من التلامذة (المجموعة أ) التي تحضر هذا الأسبوع حضورياً، فيما تحضر المجموعة الثانية (المجموعة ب) الأسبوع المقبل، علماً بأن التعليم الحضوري ينتهي عند الثانية عشرة والربع ظهر كل يوم.
مصادر الوزارة أشارت إلى أنها سمعت كلاماً إيجابياً من المديرين وروابط المعلمين لجهة التزام التلامذة بارتداء الكمامات وبالتباعد الاجتماعي ونسبة حضور الأساتذة، وسجلت بعض الملاحظات التي تتعلق خصوصاً بالنقل المدرسي، وهو ما ستسعى إلى معالجته مع وزارة الداخلية. كذلك يمكن التشاور مع الوزارة بشأن انتقال بعض المعلمين من المناطق «الحمراء» إلى مدارسهم في حالات محددة.
أستاذ الاقتصاد في ثانوية شمسطار الرسمية، علي طفيلي، فوجئ بالتزام التلامذة بالتدابير الصحية، إذ لم يحتاجوا إلى تدخل كبير من الهيئتين الإدارية والتعليمية. ورأى أن الانطلاقة «مقبولة رغم المحاذير»، متمنّياً لو أننا «نحقق لطلابنا في التعليم الرسمي، الفقراء في غالبيتهم، الحد الأدنى من تكافؤ الفرص مع أقرانهم في التعليم الخاص».
العدالة مع التعليم الخاص تحدثت عنها أيضاً أستاذة الفلسفة في ثانوية الناعمة الرسمية، عبير قبرصلي، فتمنّت لو أن الوزارة أخّرت العام الدراسي في التعليم الخاص والرسمي على السواء طالما أن المنهج تقلّص إلى النصف ويمكن إنجازه في 4 أشهر، على أن يسبق ذلك تدريب فعلي للأساتذة على المنصة التعليمية الإلكترونية تجنّباً للتفاوت الخطير بين التعليمين.
بالنسبة إلى الأستاذ في ثانوية البزري الرسمية عبده شحيتلي، المسألة تكمن في البناء المدرسي وقدرته على تطبيق إجراءات البروتوكول الصحي، «والتقييم يكون إيجابياً عندما تكون الصفوف كبيرة ونموذجية كما هي حال ثانويتنا، إضافة إلى صندوق ممتلئ قادر على تأمين الاحتياجات، وقد وصلتنا كما كل المدارس من مديرية الإرشاد والتوجيه مواد تعقيم وكمامات وزعت على التلامذة والمعلمين».
الإجراءات الصحية لم تكن الهاجس الوحيد للأهل. بعض الذين أتوا مع أبنائهم في التاسع الأساسي إلى إحدى المتوسطات استفسروا عن الباصات والقرطاسية و«التابليت» والزيّ المدرسي. أحدهم سأل: «إذا تعلّم ابني حضورياً هذا الأسبوع، فماذا سيفعل في الأسبوع المقبل المقرر أن يكون «أون لاين» إذا كان لا يملك أي جهاز تلفون أو كومبيوتر؟ هل سينقطع عن الدراسة». أتاه الجواب من المدير أن هناك مسعى لتحضير الأنشطة ورقياً، لكن المشكلة تكمن في القرطاسية وتأمين الورق لطباعتها.
في هذا السياق، تمنت مديرة متوسطة معروف سعد الرسمية سعدية بسيوني لو أنّ الأمر ترك للأهل لاختيار شكل التعليم الذي يريدونه لأولادهم حضورياً أو من بعد بناءً على استمارة توزع عليهم، ما قد يؤدي إلى انتظام التعليم بصورة أفضل. لا تخفي بسيوني أن قرار وزير الداخلية الأخير باستمرار إقفال بعض المناطق أربك المدارس بصورة كبيرة، مشيرة إلى أنها طلبت من ثلث الطلاب الحضور وليس النصف منعاً للمجازفة، كون مدرستها كبيرة وهناك خشية من عدم تحقيق التباعد الاجتماعي. ولفتت الى أن التسجيل لا يزال مستمراً، الأمر الذي سيربك توزيع الطلاب أيضاً.
العام الدراسي الحضوري بدأ أيضاً في بعض المدارس الخاصة التي التزمت التعليم المدمج، لكنها اتخذت تدابير مختلفة. فمدير مدرسة الفرير الجميزة، رئيس نقابة المعلمين رودولف عبود، لفت الى أنه وضع 20 تلميذاً في الصف وليس 18 كما تقتضي خطة الوزارة، نظراً إلى المساحة الواسعة للقاعات الدراسية، كما أن الطلاب سيدرسون 4 حصص يومياً فقط، ولم يجر تسيير الأوتوكارات حتى الآن لدراسة الأعداد، وخصوصاً أن الباص كان يقلّ في الحالات الطبيعية 20 تلميذاً على الأقل.
وأكد أن البداية «مشجعة» وبعض الأهالي كانوا متحمسين للعودة بعد أشهر طويلة من الإقفال.
القاسم المشترك بين الأهالي، بحسب رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الطويل، هو عدم خسارة عام دراسي ثان، وضمان استمرارية التدابير الصحية، سائلة: «هل ستستمر الإجراءات المقبولة التي لمسناها في اليوم الأول، وهل سيضبط الأطفال الذين سيدخلون المدارس في مرحلة لاحقة بالطريقة نفسها؟»، داعية الأهل ولجان الأهل إلى ممارسة صلاحيتهم بالمراقبة الصحية المنصوص عليها في القانون وتبليغ الاتحاد ووزارة التربية بالشكاوى والملاحظات.