Site icon IMLebanon

جعجع لوفد “المستقبل”: “جربناهم وما وصلنا لمحل!”

كتبت صحيفة نداء الوطن:

في سياق مسرحي محبوك، عبّدت سلطة 8 آذار طريق التفاوض مع إسرائيل من خلف حجاب رسمي، فتوزعت الأدوار وتنوعت السيناريوات على خشبة “الترسيم الحدودي” وسط إطلاق وابل من القنابل الدخانية لحرف الأنظار عن جوهر المشهد وحجب الرؤية عن صورة الجلوس على “كرسي الاعتراف” بحدود الدولة الإسرائيلية على أراضي فلسطين المحتلة وترسيم الحدود اللبنانية معها. وفي خضم هذه المشهدية، آثر “حزب الله” إخراج نفسه من بقعة الضوء وتسليطها على من اختار إلباسه دور “البطولة” بحسب مقتضيات اللقطة المسرحية، فبعدما أنهى رئيس مجلس النواب نبيه بري دوره في عملية إبرام “اتفاق الإطار” مع الإسرائيلي عبر الوسيط الأميركي معلناً من عين التينة “انتهاء مهمته”، ألبس الحزب رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم “قفازات” التفاوض مع تل أبيب، ضمن إطار فصل جديد تواكبه جوقة “كورال مسرحي” تركزت مهمتها على ترداد لازمة معلّبة تضع عون في “بوز المدفع” التفاوضي مقابل التعمية على إمساك الحزب بعصا “المايسترو” في العملية التفاوضية مع إسرائيل.

ومن هذا المنظار، رصدت مصادر مواكبة ضخاً ممنهجاً للأنباء والأخبار الإعلامية عشية تدشين مفاوضات الناقورة الحدودية برعاية أميركية اليوم، للإيحاء بوجود خلاف بين “حزب الله” ورئيس الجمهورية حول تشكيلة الوفد الرسمي عبر محاولة اتهامه بتسييس التفاوض اللبناني – الإسرائيلي، في حين أنّ ما جرى في مقاربة الملف التفاوضي لا يعدو كونه “توزيع أدوار بين أفرقاء الصف الواحد، فلا حزب الله في وارد الاستغناء عن دور عون المحوري في المفاوضات مع إسرائيل، ولا عون نفسه في وارد الخروج عن النص المكتوب من جانب الحزب لطبيعة هذه المفاوضات”، وسألت: “هل يصدّق عاقل أن يكون رئيس الجمهورية تلقى فعلاً رسالة حاسمة من قيادة “حزب الله” ترفض تركيبة الوفد الرسمي الذي شكله للتفاوض، وبقي الوفد على حاله؟”.

وعليه، رأت المصادر أنّ ما أشيع وأشبع تحليلاً وتأويلاً في الساعات الأخيرة حول وجود خلاف واختلاف في التوجهات بين قصر بعبدا وحارة حريك “إنما يهدف في جزء منه إلى إرسال رسائل مشفرة باسم “حزب الله” إلى الإسرائيليين والأميركيين تلوّح باحتفاظه بالقدرة على نفض يده من عملية التفاوض ساعة يشاء، ويسعى في جزء آخر إلى إعادة تعويم العهد العوني أميركياً ومحاولة تجنيب تياره السياسي كأس العقوبات، عبر تصويره في موقع القادر على انتزاع تنازلات من “حزب الله” لصالح ترك الباب موارباً أمام إمكانية شبك الخطوط الحدودية بالسياسية مستقبلاً تحت سقف اتفاق الترسيم المزمع إبرامه مع إسرائيل”.

وعلى طريق بعبدا والطريقة “الدونكيشوتية” ذاتها، أطل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من على منبر 13 تشرين مصوّباً سهام معركته المعلقة منذ عام مع ثورة 17 تشرين حين أحبطت الثورة مخططاته وشقلبت أولوياته التي كانت تحتل “زيارة دمشق” صدارتها، فوصف الثوار تارةً بـ”الحراك الكاذب” وحملهم تارة أخرى مسؤولية “التفلت الأمني” في البلد، لينتقل تالياً إلى قصف الجبهتين الدستورية والحكومية. فنعت باسيل دستور الطائف بـ”النتن والعفن” وأكد العزم على الدفع باتجاه تعديله، بدءاً من تقديم مشروع تعديل دستوري يفرض مهلة شهر على الرئيس المكلف للتأليف ومثلها لدعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة. بينما ظهّر موقفاً رافضاً لتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة على قاعدة أنه ليس اختصاصياً و”لازم يزيح لاختصاصي”، في ما بدا بمثابة رفع لسقف التفاوض على التشكيلة الوزارية المقبلة تأكيداً على حق الشراكة في الحصص والتسميات تحت مسمى “الخلطة” الحكومية التي ألمح إليها بين الطابع السياسي والصبغة الاختصاصية.

في الغضون، جال وفد كتلة “المستقبل” أمس على القيادات السياسية لسماع تعهدات قاطعة بالسير بورقة الإصلاح الفرنسية ربطاً بمبادرة الحريري الحكومية. وفي حين تشي الأجواء المحيطة بهذه المبادرة أنّ درب التكليف سالك، توحي المؤشرات السياسية الأولية أنّ طريق التأليف لا تزال مفخخة بالعراقيل والعقبات نفسها التي لطالما شكلت صاعقاً تفجيرياً في الملف الحكومي عبر العودة إلى سياسة وضع عربة الشروط التحاصصية والاستيزارية أمام حصان التكليف والتأليف. وتأسيساً على ذلك، فإنّ تكليف الحريري من عدمه سيبقى رهناً بما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات ومعطيات، وفي طليعتها مسألة الإبقاء على موعد الاستشارات النيابية غداً أو إرجائه إلى وقت لاحق، لما سيكون لذلك من انعكاس مفصلي على اندفاعة الحريري باتجاه تشكيل الحكومة العتيدة.

أما على مستوى نتائج جولة وفد “المستقبل”، فإنّ محطتها الأبرز كانت ليلاً في معراب لاسيما بعدما خيّم الفتور على العلاقة بين الجانبين. غير أنّ مصادر المجتمعين أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ الاجتماع كان “ودياً” بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والوفد الذي ترأسته النائب بهية الحريري، فكانت خلاصته تأكيد “الاتفاق على الخطوط العريضة والاختلاف على التطبيق”، مع التشديد على كون “الطرفين متفقين على المستوى الاستراتيجي وبالتالي لا يجب تظهير المواضيع الخلافية باعتبارها هي المعيار الأساس في العلاقة بينهما”.

وإذ لفتت إلى أنّ مسألة تكليف الحريري لم تُطرح خلال الاجتماع، إنما تركزت مهمة الوفد على سؤال مركزي يتصل بالنظرة إلى المهمة الإصلاحية المرتقبة من الحكومة المقبلة، نقلت المصادر أنّ جعجع جدد تأييده المبادرة الفرنسية مقابل تحميله الفريق الآخر مسؤولية إجهاض “قوة الدفع الاستثنائية” التي كانت تتمتع بها إبان زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت وتكليف السفير مصطفى أديب تشكيل حكومة الاختصاصيين، كاشفةً أنّ رئيس “القوات” أعرب عن موقفه الرافض لإعادة التجربة ذاتها مع العهد العوني والثنائي الشيعي قائلاً: “جربناهم وما وصلنا لمحل ومش مستعدين نغطي حكومة في ظل هذه الأكثرية”، وسأل: “لماذا علينا التنازل وأين الجريمة في الدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة؟”.