كتب محمد دهشة في جريدة نداء الوطن:
أجبر فقدان الأدوية صيدليات لبنان على الإقفال، رسالة الاعتراض ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، اذ تأتي في إطار سلسلة تحرّكات احتجاجية متفرّقة تتوّج بـ”يوم الغضب” الذي دعا اليه الإتحاد العمّالي العام، وباعتصام لموظفي المستشفيات الحكومية للمطالبة بدفع رواتبهم، ويعقبه تحرّك اتحاد النقل البرّي رفضاً لرفع الدعم عن البنزين والمازوت.
ويقول صاحب صيدلية في صيدا هاني الجردلي لـ”نداء الوطن”: “إنّ إضراب الصيدليات رسالة تحذيرية مؤدّاها أنقذوا ما تبقّى من قطاع الصيدلة”، قبل أن يُضيف: “للأسف وصلنا الى المحظور، ولم يعد بمقدورنا تأمين الأدوية للأمراض المزمنة مثل القلب والسكّري والضغط وسواها، نعيش حالة هلع غير مسبوقة، الوكلاء قلّصوا تسليم الكمّيات وباتت بـ”القطارة”، مقابل تهافت الناس على شراء الأدوية وتخزينها في البيوت خشية انقطاعها أو ارتفاع أسعارها بعد إعلان النية برفع الدعم عنها”، مؤكّداً أنّ “المرضى خائفون على مصيرهم وهم يرون بأمّ العين الدولة عاجزة عن تأمين أبسط المقوّمات في حياة كريمة وعلاج كريم”.
صيدليات صيدا توحّدت في قرارها، الغالبية أقفلت أبوابها طوال النهار، وعلّقت على واجهاتها لافتات تعتذر من الزبائن عن عدم قدرتها على تلبية طلباتهم من الأدوية بسبب عدم تسليمهم الكمّيات التي يحتاجونها من الشركات الموزّعة، وقلّة منها اضطرّت لخرق الإقفال بسبب التزامها بتسليم أدوية للمرضى، فيما قرّر عدد آخر الإقفال حتى الثانية عشرة ظهراً أو حتى الثالثة عصراً، وذلك شعوراً منها مع المواطنين الذين قد يضطرّون لشراء احتياجات طبّية ملحّة خلال النهار.
ويؤكّد الصيدلي وسام بعاصيري أنّ “الإضراب تحذيري وهو رسالة اعتراض لضرورة معالجة هذه الأزمة التي تصب في صحّة المواطن في أقرب وقت”، ويقول: “مشكلتنا اننا لا نتسلّم كمّيات الأدوية المطلوبة من شركات التوزيع التي بدورها تواجه مشكلة الحصول على الدولار لتأمين الطلبيات، وبالتالي على المسؤولين حلّ هذه المشكلة وإلّا نحن مقبلون على الأسوأ”، ويضيف: “كل يوم نقع بمشاكل مع المواطنين الذين لا يجدون طلبهم من الأدوية، ولا سيما الأدوية المزمنة وكأننا نتهرّب من بيعها”.
ويصبّ عدنان مستو، الذي يعاني من مرض السكّري جام غضبه على المسؤولين غير المبالين بحياة الناس، ويقول: “لا يكفي أنّ أسعار الأدوية ارتفعت أضعافاً مضاعفة حتى فُقدت من الأسواق من دون أسباب مبرّرة”، قبل أن يتنهّد بحسرة قائلاً: “جلت على مختلف الصيدليات لشراء دواء السكّري ولم أجده، ندمت لأنّني لم أخزّن بعض العلب منه، وكنت لا أملك المال الكافي لذلك، الآن لم أجده وسعره ارتفع كثيراً، ما عساي أفعل والى من أشكو؟”.
التحرّكات الإحتجاجية شبه اليومية كشفت مدى الإنهيار الذي وصلت اليه الاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية والتي لم يعد بالمقدور السكوت عنها، امام الغلاء وارتفاع الاسعار وصرف الدولار الذي بات يهدّد حياة المواطن في أمنه الدوائي بعد الغذائي والإجتماعي والمعيشي.