بين ترسيم الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وازمات لبنان المتشعبة، من حكومة لم تؤلف بعد نحو شهرين ونصف الشهر على استقالة “مواجهة التحديات” الى انهيارات متتالية في القطاعات كافة مرشحة للمزيد كل يوم، الى تطورات الاقليم وتطبيعاته، وملف حياد لبنان وايجابياته، تنقلت محادثات مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شنكر في محطته اللبنانية الاسبوع الماضي قبل ان يغادر الى المغرب يوم السبت ومنها الى لندن غدا فواشنطن بعد غد.
في لقاءاته المعلنة التي شملت في جولته هذه شخصيات وقادة سياسيين من مختلف الانتماءات باستثناء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، خلافا لزيارته السابقة التي اقتصرت على مجموعات من الثورة والمجتمع المدني، حاذر المسؤول الاميركي الغوص في التفاصيل اللبنانية لا سيما الحكومية وحرص على بعث رسائل ذات دلالات خص بها في شكل لافت رئيس الجمهورية ميشال عون حينما حضّه، بحسب ما اعلن المتحدث باسم السفارة الاميركية في بيروت “على ان يستخدم سيف الشفافية ( في اشارة الى سيف موجود في مكتبه) من اجل تغيير النموذج الحاكم”، وقد دوّن عليه الشفافية هي السيف الذي يقهر الفساد. الا انه ركّز في شكل خاص على استمرار الدور المسهّل والوسيط الذي تلعبه بلاده في المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، متمنيا العمل على انجاز هذه المفاوضات في اسرع وقت ممكن والوصول الى نتائج إيجابية.
تسريبات كثيرة نُقلت عن مضمون لقاءات شينكر مع القادة لا سيما ما يتصل بموقف بلاده من حكومة يشارك فيها حزب الله بقيت في دائرة التكهنات ما دامت لم تؤكَد ولم تُنفَ، وطالما ان الرجل يدرك اين ومتى ولمن يبلغ رسائله. غير ان ما اوضحته شخصيات شاركت في جانب من لقاءاته لا سيما في مأدبة العشاء الخاصة التي اختتم بها برنامج لقاءاته اللبنانية، افادت “المركزية” انه حدد الموقف الاميركي من مختلف هذه الملفات وهو بمجمله معروف ان في العلن من خلال كلامه او بالاشارات المفترض ان اللبيب فهمها من خلال نوعية لقاءاته او بالاهمية التي توليها واشنطن لملف الترسيم. تقول هذه الشخصيات ان شينكر وصّف انطلاقة المفاوضات بعبارة “جيدة” كبداية من دون ان يتوقف عند بعض الشكليات التي بنظره لا تقدم ولا تؤخر، واكد انه لا يعلم ما الخطوة التي ستلي انتهاء الترسيم، لكنه شدد على جدية اسرائيل في التفاوض، كما لبنان الذي له مصلحة كبرى في تسريع الوتيرة لمعالجة ازمته الاقتصادية، ما يدحض نظرية استمرار المفاوضات سنوات.
ولعل اللافت في ما قاله شينكر ثناءه على دور الرئيس نبيه بري و”الموقف الشجاع” الذي اتخذه في اعلان اتفاق- الاطار، فهو بذلك أخذ الخطوة باسم الثنائي الشيعي . فالرئيس بري كما هو واضح لا ينفرد في اتخاذ مواقف من هذا النوع من دون التشاورمع الحزب وهوحكما مع المفاوضات. فهل تكون المفاوضات المدخل لخطوات اخرى؟ لا شيء مؤكدا حتى اللحظة باستثناء ان حظوظ نجاحها كبيرة ومدتها الزمنية غير طويلة. اما المرحلة التالية فتحدد في ضوء جهوزية الطرفين، من دون ربط الامور بعضها ببعض بل فصلها كما فعلت اسرائيل حينما اعلنت انها مفاوضات بين لبنان واسرائيل وليس اي طرف اخر لقطع الطريق على التفسيرات والتحليلات الصحافية حول ما جرى كونه تزامن مع خطوات التطبيع بين دول خليجية واسرائيل.
وبعيدا من الترسيم وانتظاراته ، توضح الشخصيات المشار اليها ان المحادثات التي اجراها شينكرمع مجمل من التقاهم تناولت تطورات المنطقة ومشروع السلام ولم تتطرق بالتفصيل الى موضوع تشكيل الحكومة فقد حاذر التطرق الى الاسماء تكليفا او تأليفا بل هامشيا ، مع تكرار الدعوة الى استعجال تشكيل الحكومة لتنفيذ الاصلاحات وانقاذ الوضع قبل فوات الاوان.هو لم يعلق على مواقف الافرقاء من الملف ولا على شروطها او طلباتها كونه يفضل، كما ابلغ بعض محدثيه ترك المهمة الى فرنسا والرئيس سعد الحريري.