كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
للحديث عن علاقة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي بتكتل “لبنان القوي” ورئيسه جبران باسيل حساسية لكلا الطرفين. تمايز في المواقف الى حد الاختلاف، ظهر جلياً مع “تنظير” الفرزلي بأن وجود 22 نائباً مسيحياً مستقلاً يؤمّن شرعية التكليف لرئيس الحكومة ما أغضب التكتل الذي يأخذ على العضو فيه “عمله لتأمين عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة”، متماهياً بذلك مع رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري. لكن “صانع الافكار” الذي “لا يمشي بكبسة زر” يرى في عودة الحريري “تعويماً مطلوباً للعهد”، قائلاً “بدنا نروق شوي والأمور لا تحل بالفعل وردات الفعل”.
منذ مدة والفرزلي يغيب عن اجتماعات التكتل. كانت المرة الاخيرة قبل شهرين وبناء على اتصال باسيل، حضر مع غيره من المقاطعين ومن جملتهم الان عون وسيمون ابي رميا وميشال ضاهر ظناً منهم أن باسيل في وارد اعلان موقف من مشاركته في الحكومة ليتفاجأ الجميع باجتماع روتيني. يتحدث التيار عن علاقة “باردة ومتعثرة من الاساس لكنها ليست مقطوعة”، ويعود بالتاريخ الى الانتخابات النيابية الاخيرة لتقول مصادره القيادية: “قاطعنا شركاءنا كي نسمح بترشيحه. عملنا لأجله ما أمكن لكنه بقي متمركزاً عند حساباته الانتخابية ليكون نصفه عند الحريري والثاني عند بري”. على امتداد مسار العلاقة من العام 2018 حتى اليوم لا ينسى التيار محطة اساسية يبني عليها موقفه السلبي من الفرزلي: “مشاركته في ذكرى اغتيال رفيق الحريري في بيت الوسط يوم شن الحريري هجومه العنيف على باسيل”. يوزع مواقفه “بين بري والحريري وجزئياً رئيس الجمهورية في الوقت الذي كانت عودته الى الحياة السياسية منذ العام 2005 عن طريق التيار ولجبران باسيل اليد الطولى فيها”. وتتابع المصادر: “ليس الفرزلي افضل من غيره ممن أبعد بخروجه من التكتل ولذا لا نلومه ولا ننتظر منه اكثر، لم يعلن خروجه من التكتل بعد لكنه لم يعد فاعلاً فيه. حين يريد يعتبر نفسه مستقلاً واستقلالية قراره تسمح له أن ينظّر كما يريد. قبل البحث في موضوع الحريري خرج بمعادلته الشهيرة بوجود 22 نائباً مسيحياً خارج الاصطفاف الحزبي ما يؤمن ميثاقية في التكليف وهو قال في مجلس خاص، المسيحيون 64 نائباً بينهم 22 مستقلاً والآخرون موزعون على ثلثين أي أنه طرح المثالثة”.
ليس الخلاف في وجهات النظر بين الطرفين وليد ساعته. أول تمايز حصل خلال اجتماعات التكتل بعد تكليف حسان دياب ونصيحته باسيل للعودة الى خيار الحريري. الشاهدون على سير العلاقة يعودون بها الى تاريخ عودة عون الى لبنان، فاختار ان يكون الى جانبه وكان الثمن خسارة مقعده. كان اول من أقنع عون بترؤس باسيل للتيار، واول من أقنع الاخير بالحوار مع سمير جعجع من اجل قانون الانتخابات ما فتح الباب لـ”تفاهم معراب”. ومع التمديد للمجلس النيابي تسبب تخلفه عن الحضور التزاماً مع موقف باسيل بقطيعة مع بري. في المقابل وفي عز الازمة زار باسيل البقاع الغربي من دون علم الفرزلي، وخلال انتخابات العام 2018 علم من “المستقبل” والثنائي ان باسيل يفاوض الطرفين على المقعد الماروني وليس الارثوذكسي لولا ان فرضه بري على اللائحة. ولولا الثنائي الشيعي لم يكن يمر انتخابه نائباً لرئيس مجلس النواب بسلام لتفضيل التيار ترشيح الياس بو صعب. تاريخية العلاقة تقول للمقربين ان “الفرزلي يعطي من دون مقابل، وهم يعتبرون ان واجبه ان يعطي. هذه هي طريقة باسيل في التعاطي” ويزيد وجود “حرتقة” داخلية من الوزير السابق سليم جريصاتي.
وعلى المستوى السياسي، يجاهر الفرزلي ان المصلحة تقتضي وجود الحريري شريكاً إنقاذاً للعهد وهو ما يرفضه رئيس التيار ما دفع البعض الى الغمز من قناة باسيل باعتباره لا يرغب بإنقاذ العهد ساعياً الى زيادة شعبيته كأولوية عبر استنهاض الحديث عن “تفاهم رباعي جديد او 13 تشرين جديد”. اما لناحية العلاقة مع بري فعدا عن سياقها التاريخي فهي جاءت بناء لطلب باسيل وعون بعد خمس سنوات من القطيعة فأعاد الفرزلي وصل ما انقطع لا سيما بعد تعبير “البلطجي”.
الفرزلي: انا صديق
متعالياً على تفاصيل الخلاف يقول الفرزلي: “علاقتي مع تكتل “لبنان القوي” قائمة على عمل مشترك دام لسنوات، تحققت فيه مكاسب ذات طابع إستراتيجي من الاهداف التي اتطلع اليها سواء على مستوى اعادة التوازن داخل الحكومة او داخل مجلس النواب وعبر قانون الانتخاب. تبني التيار لهذه الارادة خلقت علاقة ذات ابعاد يعول عليها للمستقبل”. لكن هذا لا يلغي “وجهات نظر مختلفة”. يقول الفرزلي: “لست عضواً في “التيار الوطني” بحيث يجعلني ملزماً بقراراته بل انا حليف وصديق وبالتالي لي وجهة نظر قد تصح وقد لا تصح. سبق وسجلت ملاحظتي خلال اجتماع التكتل ليس من اجل الحريري بل لمصلحة المسار السياسي للتكتل والتيار والبلد ككل. قد اكون مخطئاً وبالتالي ليس كل وجهة نظر اخرى يعني ان نكون على عداء”.
يصر على أن التكليف لا يحتاج الى ميثاقية كان الحريري أصر عليها، اثناء الاستشارات المرة الماضية، ورفض التكليف لامتناع التيار والقوات عن تسميته “ولكن وجهة نظري انطلاقاً من ثقافتي الدستورية تقول بألّا انزع الصفة التمثيلية الشرعية عن 22 نائباً. لست ممن يستمع لأفكار الآخرين واتبعها بل انا صانع الافكار في هذا البلد ويجب ان أقتنع بما التزم به”. وبدل ان يشكل موقفه مخرجاً للحل زاد الامور تعقيداً “قد يفكر البعض مثل هذا التفكير لكن لم تكن هذه هي نيتي”. يرفض وضع تأييده للحريري في مواجهة باسيل “فلو اتخذ بري او الحريري قراراً يحمل في طياته اعتداء لست مقتنعاً به ضد باسيل فسأكون الوحيد الذي يقف دفاعاً عنه في لبنان”، متسائلاً: “هل يجب ان يكون الانسان ببغاء كي يتم استيعابه وكيف لي ان اخالف قناعاتي. المهم ليس تبسيط المواضيع وانما الاهم هو تصديقها”. يكشف أن “مسألة تحديد مهلة لرئيس الحكومة طرحت في الطائف ورفضت، وتحديد المهلة لرئيس الجمهورية من شأنها ان تتسبب له بمشكلة مع مجلس النواب “فلماذا نفتح معارك مجانية وهذه هي الصلاحية الوحيدة للرئيس؟”.
من الدعوة الى الاستشارات الى التكليف والتأليف والبيانات “مشهد غير دستوري ينم عن جهل اصحابه بالطائف” لا يوافق عليه ويرى في قول احد رؤساء الحكومات بأن يؤلف الرئيس المكلف ويرمي بتشكيلته عند رئيس الجمهورية “كلاماً مرفوضاً يستوجب اخضاع قائله لدورة في تعلم الدستور لوجود نص دستوري يتحدث عن ان تشكيل الحكومات يتم بالاتفاق مع رئيس الجمهورية الذي هو شريك في المعادلة”. نصيحته تقول هنا: “بدنا نروق شوي والامور لا تحل بالفعل وردات الفعل”. واذا كان بعض الاطراف ينصحون الحريري بعدم قبول التكليف خشية تعويم العهد “فهل يجوز ان نلعب اللعبة ذاتها؟”. يقول: “ما بمشي بكبسة زر. اسألوا السوريين، في عزهم لم يستطيعوا أن يمشوني بكبسة زر واليوم اقول الحديث ذاته لابناء جلدتي، وأصر على علاقة جيدة بالتكتل وبجبران باسيل وبعون تحديداً”.