إذا لم يطرأ طارئ، من المتوقّع ان تبقى الاستشارات النيابية قائمة في موعدها الجديد الخميس المقبل في القصر الجمهوري. واذا لم تحصل مفاجآت في بلد المفاجآت السلبية – فإن الرئيس سعد الحريري يفترض ان يخرج من بعبدا، عصر ذلك النهار، رئيسا مكلّفا تشكيل الحكومة، وعليه تكون عملية ولادة مجلس الوزراء المنتظر، انتهت في شقّها الاول، لينطلق فورا شقّها الثاني المتمثل في مسار تأليفها، وهنا “الجهاد الاكبر”، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.
فبعد ان كان للثنائي الشيعي ما أراد في التكليف، حيث تمسّك منذ لحظة استقالة الحريري في تشرين الاول الماضي، به، كمرشح اوّل لتولي رئاسة اي حكومة جديدة، يستعد على ما يبدو، لرمي الحجارة بكثافة على طريقه في المرحلة المقبلة. لم يكتف حزب الله وحركة امل، وفق المصادر، بالهدية “المجانية” التي سلّفهما اياها الحريري بتكريس المالية للطائفة الشيعية، وبموافقته الضمنية على التفاهم معهما على اختيار الوزراء الشيعة في الحكومة بحيث يكونون من ذوي الاختصاص ومن غير الحزبيين، بل بدأا يسوّقان لكونهما رافضين شروط الصندوق الدولي لناحية رفع الدعم وزيادة الضرائب(…) فالاعلام الناطق باسم محور الممانعة قالها بوضوح اليوم “الحزب لا يقبل بهذه النقاط الواردة في الورقة الاصلاحية الفرنسية”. فهل سيسكت الحريري عن هذا الموقف “النوعي” الذي يتعارض “جوهريا” وخريطة الطريق التي رسمها للخروج من الازمة؟
الى ذلك، تتابع المصادر، فإن التيار الوطني الحر الذي حسم قراره بعدم تسمية الحريري، والذي سيبلع على مضض “موس” اجراء الاستشارات دون اي لقاء مسبق بين رئيسه النائب جبران باسيل والرئيس الحريري – الا اذا قرر الرئيس عون ارجاءها مجددا – سـ”ينتقم” لنفسه خلال عملية التأليف. فأوساط “البرتقالي” تقول بصراحة ان وجود شخصية سياسية على رأس الحكومة يعطي الحق للقوى السياسية كلّها باختيار من يمثّلها في الحكومة هذه، وذلك يعني ان فريق رئيس الجمهورية والتيار، لن يقبلا ان يتم تجاوزهما في عملية تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة، والا فإن بعبدا ستستخدم الفيتو اي الورقة الثمينة التي تملكها وتتمثل في عدم توقيعها على اي تركيبة يضعها الحريري لا ترضي عون وباسيل.
امام هذه المعطيات، هل يقرر الرئيس الحريري التراجع عن ترشيحه، ام هل سيصرّ على التكليف و”مِن بعدها لكلّ حادث حديث”، مراهنا على ضغوط دولية قد تتكثف في المرحلة المقبلة تُليّن شروط الثلاثي الحاكم؟ ام هل يمكن ان يكون في صدد الرضوخ لما يريده هؤلاء، فيكون بمثابة حسان دياب جديد، يرأس حكومة اختصاصيين في الشكل، مسيسين في الباطن، غير متفقة على برنامج اصلاحي واحد موحّد، تُغرق لبنان اكثر في الحضيص؟ ان كانت هذه هي الحال، فإن الحريري سيكون ينتحر “سياسيا” ويطلق رصاصة الرحمة في رأس مسيرته المستقبلية، محليا وعربيا وخليجيا ودوليا، سيما وانه سيكون، سار بأجندة حزب الله وارتضى تأمين غطاء له واعاد تعويمه وشكّل له الحكومة التي يطالب بها منذ اليوم الاول، الا وهي حكومة تكنو-سياسية! فهل يفعلها الحريري، ويقبل بما رفضه مصطفى أديب، أم انه يملك ضمانات وازنة خارجية ودولية، تؤكد له انه سينجح في تشكيل حكومة قادرة على فتح ابواب الدعم الدولي المالي للبنان؟
المطلوب من سيد بيت الوسط درس هذه المعطيات جيدا، فلا يقع في اي فخ منصوب له، لأن السقطة هذه المرة ستكون قاتلة، له وللبنان، تختم المصادر.