كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
بينما تصرّ لجنة كورونا ووزارة التربية على قرار العودة إلى الصفوف، يعيش بعض الثانويات الرسمية والخاصة تخبطاً نتيجة تسجيل إصابات بفيروس «كورونا» في صفوف أساتذة وطلاب. وزارة التربية تبدو مرتاحة لقرار حصر إقفال المدارس بيد الوزير فقط، في حين يتحدث البعض عن تكتّم الوزارة على الإصابات، ما سيؤدي إلى انتشار كبير.
الحذر الشديد رافق الأسبوع الأول من العام الدراسي في المدارس الرسمية والخاصة. البعض اصطلح على تسميته «أسبوع رعب» نتيجة تسجيل إصابات بفيروس «كورونا» في صفوف أساتذة وطلاب في ثانويات ومدارس في النبطية وصيدا والبقاع وحاصبيا، منها ما ظهر إلى العلن، ولا سيما بعد إقفال المدرسة أو الثانوية من المحافط أو من طبيب القضاء، ومنها ما يجري التكتّم عليه من وزارة التربية، ما سيسهم في الانتشار على نطاق واسع.
«غالبية ثانويات بعلبك – الهرمل الرسمية مصابة»، بحسب النقابي حسن مظلوم، و«ثمة حالات مثبتة بالأسماء ومصابون مشتركون بين ثانويات بدنايل، وتمنين، وشمسطار، وطاريا، وبريتال، وثانوية عبدو المرتضى الحسيني في المجمع التربوي في بعلبك، ومركز الإرشاد والتوجيه في بعلبك».
ثانوية بدنايل التي تضم نحو 666 طالباً مسجلاً حتى الآن عاشت أسبوعاً عسيراً، كما قال مظلوم، قبل أن يقرر المحافظ بشير خضر، السبت الماضي، أن يقفلها ويقفل المهنية والمدرسة الابتدائية في البلدة التي تجاوز عدد الإصابات فيها 75 حالة، بعدما كان أقفل في وقت سابق المدرسة الرسمية في كل من بيت شاما وحوش الرافقة.
وفي إشارة إلى التعتيم الحاصل في الوزارة، روى مظلوم ما حصل مع المرشد الصحي في ثانوية عبدو المرتضى الحسيني، باسم مظلوم، عندما أصيب بالفيروس في 10 الحالي في مركز الإرشاد في بعلبك، حيث التقط العدوى من زميل له أثناء تسلمه الكمامات وأدوات التعقيم، وبدأت تظهر عليه عوارض الفيروس منذ الإثنين الماضي ومن ثم على أفراد أسرته، إلا أنه اتهم بالكذب وبالتقصير في القيام بواجباته في البداية، في اتصال أجرته مديرة الثانوية مع مسؤولة ثانويات بعلبك – الهرمل في الوزارة، لتصدر المديرة بعد ذلك بياناً توضيحياً تشير فيه إلى أن «المرشد التزم بكل التدابير الوقائية منذ ما قبل إصابته بالفيروس ولم تظهر أي عوارض على الطلاب والأساتذة طيلة هذه الفترة، إلا أنّ قرار الإقفال من مسؤولية مديرية التعليم الثانوي في الوزارة وليس من مسؤولية إدارة الثانوية».
مظلوم وصف قرار العودة إلى التدريس بـ«غير المدروس» وبـ«المجزرة بحق أولاد الفقراء الذين تقول وزارة التربية إنها حريصة على تعليمهم، وهو لا يحقق مصلحة الطلاب بقدر ما يندرج في إطار الصراع بين الأجنحة الحزبية في الوزارة التي تعجز أن تقول للرأي العام إنها غير قادرة على تنفيذ التعليم المدمج». يجري ذلك، كما قال، «في ظل سبات عميق للهيئات النقابية، ولا سيما رابطة أساتذة التعليم الثانوي المطعون في شرعيتها ورابطة التعليم الأساسي، وعزوفهما عن حماية الأساتذة والطلاب».
ورغم الإرباك، لم تجد لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا ما يستدعي حتى الساعة أي تعديل في خطة التعليم المدمج وقرار العودة إلى الصفوف، اذ ينتظر أن تبدأ اليوم المجموعة الثانية من طلاب صفوف التاسع أساسي (البريفيه)، الحادي عشر (البكالوريا – القسم الأول )، الثاني عشر (البكالوريا – القسم الثاني)، فيما تفتح هذه الصفوف في المدارس والثانويات التي كانت مصنفة «حمراء»، ولم تعد كذلك بعد قرار وزير الداخلية محمد فهمي الرقم 1258 الذي نص على استمرار الإقفال في 79 بلدة فقط، بدلاً من نحو 170 بلدة نص عليها القرار السابق.
عضو اللجنة ومستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال للشؤون الطبية، بترا خوري، تحدثت عن «انطلاقة هادئة»، عازية «الإرباك المتوقع» إلى أن المدارس تختبر أول تعاط جدي مع كورونا مند أن أقفلت أبوابها في شباط الماضي. وقالت إن المجتمع المدرسي سيكتسب خبرة مع الوقت، خصوصاً أن البروتوكول الصحي الذي تشرف عليه وزارة التربية ولجنة كورونا ومنظمة الصحة العالمية «يصف بدقة الإجراءات التي يجب أن تتبعها إدارة المدرسة، وكيف يمكن أن تتعاطى مع كل حالة على حدة، لجهة إقفال المدرسة وحجر الصف وغيره». ونفت أن يكون هناك أي تكتّم على أي إصابة، مشيرة إلى «أننا لم نوثّق أي عدوى حدثت داخل جدران المدرسة». ولفتت إلى أن لديها إحصاءات تشير إلى أن الأهل في المدارس الخاصة أرسلوا أبناءهم بنسبة كبيرة إلى المدارس المفتوحة، فيما لا تملك إحصاءات مشابهة لما يحدث في المدارس الرسمية.
في مادته الرابعة، حصر قرار وزير الداخلية أمس فتح المؤسسات التعليمية والوحدات الإدارية التابعة لوزارة التربية أو إقفالها بوزير التربية فقط، وهو ما قد يوحد الإجراءات، بحسب المدير العام للتربية فادي يرق. ففي الأسبوع الماضي، أقفلت مدارس بأمر من المحافظ أو من طبيب القضاء، ما أحدث بلبلة في بعض الحالات، فيما البروتوكول الصحي دقيق، بحسب يرق، لجهة التعاطي مع كل حالة، والخط الساخن في الوزارات استقبل عشرات الاتصالات خلال الأسبوع الماضي للإجابة عن كل الاستفسارات.
وكان وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب ذكّر في تعميم جديد بضرورة «التزام المعايير والضوابط التي نصّ عليها القرار 463، وبالتالي اقتصار التدريس المدمج على تلامذة الصف التاسع الأساسي (البريفيه) والصفين الثاني والثالث الثانوي، وتأكيد تطبيق معايير التباعد، والسهر على تطبيق الإجراءات الوقائية المفصّلة في الدليل الصحي الصادر عن الوزارة». وحذّر المؤسسات التربوية، الرسمية والخاصة، من «مغبة مخالفة مندرجات القرار المذكور والقرارات التنظيمية والبروتوكول الصحي، تحت طائلة تطبيق تدابير إدارية وقانونية قاسية بحق إدارات المدارس المخالفة».
تعميم الوزير جاء بعدما وصلت الوزارة شكاوى تفيد بأن بعض المدارس، والخاصة منها تحديداً، فتحت أبوابها لغير الصفوف المنصوص عليها في القرار، ولا سيما للمراحل التعليمية الأولى، مثل الروضات. وقال يرق لـ«الأخبار» إن وزارة التربية ستتخذ إجراءات بحق المدارس المخالفة،
فيما طالبت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى زين الطويل، الوزارة بأن تعلن هذه الإجراءات الصارمة بحق المخالفين، ودعت كل معلم وتلميذ إلى أن يكون خفير نفسه لجهة عدم ارتياد المدرسة في حال الشك في الإصابة، مشيرة إلى أن الخوف هو على الصغار الذين سيعودون في 26 الحالي، واقترحت تعميم ما يقوم به بعض المدارس لجهة السماح للأهل بأن يختاروا بين التعليم الحضوري والتعليم «أونلاين»، عبر تقديم النموذجين في الوقت نفسه.