استشارات نيابية الخميس بدون تسمية… تكليف لن يَعقبه تأليف… لا حكومة قبل تشرين الثاني المقبل موعد الانتخابات الأميركية… كلّها ترجيحات لا تُسمن ولا تُغني عن جوع. ليس الجوع إلى المأكل فحسب رغم تصاعده، بل جوع إلى الإصلاح ووقف الهدر وإعادة تأهيل ما نَخَره الفساد وأنهَكَته المحاسيب غير المُنتجة.
إنها شروط مُلحّة حان أوانها. متطلبات رئيسية رفعها صندوق النقد الدولي إلى المسؤولين اللبنانيين ولا يزال، معطوفة على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ أساسها الشفافية والمصداقية… فهل مَن يلبّي؟!
فالوضع المزري اقتصادياً ومالياً واجتماعياً يحتّم استعجال معاودة التفاوض مع صندوق النقد، كونه حَبل الخلاص الأوحد ريثما نعبّد الطريق أمام الاستثمار فالنموّ.
أوساط في الهيئات الاقتصادية نقلت عن مسؤولين معنيين أن التفاوض مع صندوق النقد “سيتم بالشروط اللبنانية وليس بشروط الصندوق، وهذا ما بحثه أكثر من طرف مع اقتصاديين ومسؤولين أجانب”.
وكشفت في السياق أن “بريطانيا دخلت على خط التفاوض مع الصندوق في ما خصّ ملف الدعم اللبناني، وستلعب دوراً إلى جانب المفاوض اللبناني”.
والموقف البريطاني هذا “سيكون مؤثّراً وفاعلاً إلى جانب قوى أخرى من أجل مساعدة الصندوق للبنان عبر ضخّ سيولة بوتيرة سريعة لوقف النزف وبدء بسط الاستقرار وعودة الثقة الخارجية بلبنان”، بحسب أوساط سياسية مواكبة.
هذه الأجواء ترافقت مع ما أعلنه مصدر قريب من عملية التفاوض الأولى مع الصندوق في عهد حكومة حسان دياب، والذي رَجَح عبر “المركزية” أن يكون السفير البريطاني في لبنان قد أبدى استعداده للمساعدة ودعم لبنان للنهوض بنفسه، كما سبق وأبدت مجموعة الدعم الدولية. لكنه سأل “إن لم يساعد لبنان نفسه، فكيف سيساعده الآخرون؟!”.
وذكّر المصدر بأن “صندوق النقد كان يطرح في الجولة الأولى من المفاوضات مع ممثلي الدولة اللبنانية الأسئلة الآتية: كيف ستخفّضون العجز؟ كيف ستصوّبون مالية مصرف لبنان؟ كيف ستنفّذون إعادة هيكلة المصارف؟ وكيفيّة هيكلة الدين العام؟ ولم يتم التوصّل إلى حلول وطروحات أو رؤى موحّدة في هذا الشأن، بل كل ما في الأمر تم وضع برنامج إصلاحي من ضمنه إعادة الهيكلة، وتحديد خسائر القطاع المالي والنقدي”.
وأضاف: لكن صندوق النقد اشترط مقابل إعطاء لبنان المليارات الموعودة، ما يأتي: توحيد سعر صرف الليرة – وضع خطة لرفع الدعم لكن على مراحل وليس في يوم واحد – تنفيذ فوري لخطة الكهرباء بهدف وقف الهدر الحاصل في هذا المرفق.
وأبدى المصدر تحفّظه على “آلية الدعم المعتمدة كونها أولاً تستخدم أموال المودِعين، ثانياً يبقى المستفيد الأول من الدعم هو الطبقة الميسورة وليس الفقراء وتحديداً في عملية الإنفاق على مادَتيّ المازوت والبنزين”، وذلك ينطبق على ملف الأدوية مشيراً إلى “مافيا تتحكّم به…”، وسأل “هل فعلاً تكلّف السلة الدوائية المستورَدة مليار دولار في السنة، أم نستطيع استبدالها بـ”جنيريك” بنصف السعر؟!”.
ولم يغفل التأكيد على إبداء صندوق النقد “أكثر من مرة، استعداده لمساعدة لبنان، كما أن الشروط الإصلاحية التي يطلبها من الدول الأخرى يطلبها ذاتها من لبنان ولا شيء آخر، فهل طلبه وقف الهدر في القطاع العام ومَن لا يلتزم بوظيفته يجب ألا يقبض راتبه، هو شرط تعجيزي!؟”.
وعن اشتراط الصندوق تشكيل حكومة جديدة للتفاوض معها، علّق المصدر بالقول: مع حكومة لم نفعل شيئاً، فهل بدونها نستطيع ذلك!؟