كتبت بولا أسطيح في “الشرق الاوسط”:
تنشط الاتصالات بين قيادتي «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» لمحاولة تهدئة الأجواء وتخفيف الاحتقان الذي بلغ ذروته بين جمهوري الطرفين على خلفية ملفي الحكومة والخلاف على الوفد المفاوض في مفاوضات ترسيم الحدود.
ووصلت الأمور إلى حد توجيه بعض مناصري «حزب الله»، كما إعلاميين محسوبين عليه، تحذيرات من أن إصرار الرئيس ميشال عون على تركيبة الوفد الرسمي اللبناني الذي شكله لخوض غمار المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، «ستكون له تبعات»، باعتبار أن هذه التركيبة لم ترضَ «الثنائي الشيعي»، أي «حزب الله» وحركة «أمل»، كونها تضم مدنيين، في وقت يصرّ الطرفان على أن تكون حصراً من العسكريين.
وقد ذهب بعض الناشطين المؤيدين للحزب إلى حد اتهام «التيار الوطني الحر» بالخضوع لرغبات أميركية خوفاً من العقوبات، ما أثار موجة استياء عارمة في صفوف الناشطين العونيين الذين انتقدوا موافقة «حزب الله» على الخوض بمفاوضات مع إسرائيل من دون الرجوع للمؤسسات الدستورية ومحاولته التغطية على ذلك، من خلال التصويب على تركيبة الوفد المفاوض، ورفضه التقاط صورة لطاولة المفاوضات.
وطالب كثير من العونيين قيادتهم بفكّ التحالف مع «حزب الله» بعدما «باتت كلفته عالية علينا وعلى البلد، وبات يتم التشكيك بوطنية الرئيس عون والعمل على تسويات حكومية مع أخصامنا ومن يفترض أنهم اخصام الحزب، وتستثنينا»، على حد تعبير أحد مسؤولي المناطق في «التيار الوطني الحر» الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «يفترض وضع النقاط على الحروف. فقد وصلنا إلى مرحلة لم يعد يصح فيها السكوت لأن مصير البلد بات على المحك».
ولا ينفي النائب في تكتل «لبنان القوي» إدي معلوف وجود اختلاف في وجهات النظر مع «حزب الله» في أكثر من موضوع، «إلا أن ذلك لا يصل إلى حد ما يتظهر من تراشق على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا إلى حد نسف العلاقة معه وسقوط ورقة التفاهم»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تجاوز الخلاف حول الوفد المفاوض من خلال إبقاء التركيبة كما أعلنها الرئيس عون، من دون الأخذ بملاحظات «الثنائي الشيعي». وبات العونيون يخشون اتفاقاً يكون على حسابهم يعيد الحريري إلى السراي للحكومي، خاصة بعد انضمام رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى «الثنائي الشيعي» للدفع باتجاه تكليف الحريري.
ويبدو واضحاً أن «حزب الله»، كما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، يدفعان باتجاه تكليف الحريري، رغم تأكيد مصادر مطلعة على أجواء الحزب لـ«الشرق الأوسط» أن «نوابه لم يكونوا ليسموا الحريري أو سواه» خلال الاستشارات التي كان قد حددها عون الخميس الماضي قبل أن يقرر تأجيلها. وتشير المصادر إلى أنه «خلال عطلة نهاية الأسبوع كانت هناك اتصالات بين قيادتي (التيار) و(الحزب) لمحاولة استيعاب ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من معارك افتراضية مفتوحة بين جمهوري الطرفين».
ويؤكد الكاتب والمحلل المتابع لمواقف «حزب الله» قاسم قصير أن «ليس هناك من تسوية على حساب التيار، لكن هناك متغيرات سياسية داخلية وخارجية، والمطلوب انتظار ما سيحصل».
مستبعداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود «توجه لحصار التيار الوطني» بوجود رئيس الجمهورية وكتلة نيابية كبرى داعمة له. ويضيف: «قنوات التواصل مستمرة، سواء بين الحزب والتيار أو بين الحزب ورئيس الجمهورية، والخلافات التفصيلية بينهما سواء حول ملف الترسيم أو تشكيل الحكومة أو أي موضوع آخر، لن تؤدي لإنهاء التحالف بينهما، نظراً لحاجة الطرفين للتحالف. لكن في الوقت نفسه هناك حاجة لدى الطرفين لإعادة تقييم العلاقة بينهما».