كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
تتجه الأنظار إلى التطورات المقبلة التي تسبق الإستشارات النيابية الملزمة وسط الحديث عن ضغط أميركي لعدم الإستمرار في دوامة الفراغ.
في القصر الجمهوري ترقب لما قد تحمله الساعات والأيام المقبلة قبل الموعد المرتقب للإستشارات والذي يُحدّد من ستسمي الكتل رئيساً للحكومة بعد إعلان الرئيس سعد الحريري تمسكه بشروطه.
ولا تعتبر بعبدا أن العقدة متأتية منها لأن الرئيس عون يفعل كل ما بوسعه من أجل تسهيل التأليف، في حين يؤكد “التيار الوطني الحر” أن العقدة ليست عنده، والجميع بات يعلم أن الإشكال الذي وقع بين نادي رؤساء الحكومات السابقين و”الثنائي الشيعي” هو ما أجج نار الخلافات وأطاح بالمبادرة الفرنسية وبمهمة الرئيس مصطفى أديب، وليس موقف رئيس الجمهورية أو تمسك “التيار الوطني” بأي حقيبة.
في هذه الأثناء، لا يزال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يراقب الوضع اللبناني عن كثب، وهو وإن لم يدلِ بموقف مباشر منذ إطلالته الأخيرة التي “بهدل” فيها حكّام لبنان، إلا أن الإليزيه على إطلاع بكل ما يحصل داخلياً، حتى وإن هو قرّر عدم التدخل فان أفرقاء الداخل يستدعون التدخلات الخارجية بعد عجزهم عن حكم البلاد.
وتتكثف الإتصالات الدولية بين فرنسا ودول فاعلة مؤثرة بالشأن اللبناني، لكن العقدة موجودة في طهران، والأخيرة لا تريد أن تعطي ماكرون هدايا مجانية بل تريد أن تأخذ من الأميركي ثمناً لتنازلها في لبنان، ليس أقله وقف مسلسل العقوبات المتتالية والتي لا ترحم إيران ومؤسسات النظام.
وحسب المعلومات، فان الفرنسي لم يستطع أن يأخذ من الروسي تعهداً بالتدخل لحل الأزمة اللبنانية، وإقناع طهران بتقديم تنازلات جوهرية وحضّ “الثنائي الشيعي” على عدم العرقلة، وبالتالي فان زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى بيروت، إذا لم تتأجل، لن تحمل أي جديد لأن الأجواء في موسكو تشير إلى أن الروسي يقوم بالحل مع الأميركي في لبنان وليس مع الفرنسي أو الإيراني، مع العلم أن الموقف الروسي واضح وهو مع عودة الرئيس الحريري إلى سدّة الرئاسة الثالثة.
وينتظر الجميع ما ستحمله زيارة لافروف المنتظرة إلى بيروت، مع أن كل الدلائل تؤكد أن الأمل ضعيف إذا لم يحصل أي تطور إقليمي ودولي بارز، وبالتالي فان الإنتظار سيبقى سيدّ الموقف من الآن حتى نتائج الإنتخابات الأميركية.
ولم يرشح حتى الساعة من موسكو أي مبادرة كاملة متكاملة لحل الأزمة الحكومية بل كل ما يُطرح يبقى في إطار الأفكار وليس الحلول، كما أنّ الروسي لن يقدم على طرح مثل هكذا مبادرة لأنه يعلم جيداً أن الأميركي هو الطرف الأقوى على الساحة اللبنانية ويستطيع العرقلة، إذا لم تكن أي مبادرة روسية تحظى برضى واشنطن.
والناظر إلى المواقف الدولية يكتشف تباعداً بين الموقفين الأميركي والروسي، فالروسي مع حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري يتمثل فيها كل الأفرقاء اللبنانيين بمن فيهم “حزب الله”، بينما الأميركي لا يريد أن يشارك “حزب الله” في أي حكومة، بل يرغب بتأليف حكومة إختصاصيين مستقلة لأنه فقد الأمل من الطبقة السياسية الحاكمة. وأمام كل تعقيدات المواقف الدولية، والإنكفاء الخليجي والتشبث الإيراني ومحاولة الدخول التركي، تصبح المبادرة الفرنسية صعبة التحقيق، إلا إذا كانت الأجواء الدولية صحيحة وتدخلت اشنطن لإنقاذ المبادرة الفرنسية لكن بشروطها، خصوصاً بعد إنطلاق مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية، عندها يكون باب الحلّ قد فُتح، مع أن الأجواء تشير إلى أن التكليف لا يعني التأليف حكماً.