عشية موعد الاستشارات النيابية المحدد الخميس المقبل، جمود ثقيل يسيطر على الساحة المحلية، حيث لا اتصالات ولا لقاءات بين المعنيين بعملية التكليف والتأليف، وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري من جهة والتيار الوطني الحر والثنائي الشيعي من جهة ثانية، أقلّه في الظاهر، علما ان هذا “الهدوء” لا يبعث على الطمأنينة في ظل الحديث عن سلسلة عقبات وتعقيدات ستفرض نفسها سريعا على عملية التأليف غداة تكليف الحريري.
وفي مقابل الخواء السياسي الداخلي، سُجّل في الساعات الماضية دخول دولي قوي على الخط اللبناني، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، بطلاه فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، في حركة متزامنة تبدو للمرة الاولى، وبهذا الشكل الواضح، منسّقة الاغراض والغايات، وتهدف الى الضغط نحو ابقاء الاستشارات قائمة في موعدها وقطع الطريق على اي ارجاء جديد قد يراود رئيس الجمهورية ميشال عون، من جهة، وتهدف ايضا الى الدفع في اتجاه تسهيل القوى السياسية كلّها عملية التأليف، التي من الضروري ان تكون سريعة وسلسة لأن البلاد لا تحتمل اي مماطلة او تسويف.
فقد اصدرت الخارجية الفرنسية بيانا انتقدت فيه التأخير في تشكيل الحكومة. وقالت ان “في الوقت الذي يتضرر فيه لبنان على نحو متزايد من الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمتها عواقب الانفجار الذي وقع في 4 آب، لا يزال ثمة تأخر في تشكيل حكومة ذات مهمات محددة قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة رغم الالتزامات التي أكدتها مجددا القوى السياسية اللبنانية كافة التي تقع عليها وحدها المسؤولية عن هذه العرقلة المطولة التي تحول دون تلبية التطلعات التي اعرب عنها المواطنون اللبنانيون”. ودعت “جميع القادة السياسيين اللبنانيين الى تحمل المسؤوليات التي تقع على عاتقهم”، مؤكدة “استعداد فرنسا لمواكبة لبنان في سبيل الإصلاحات باعتبارها السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله حشد جهود المجتمع الدولي. ولذا يتعين على المسؤولين اللبنانيين ان يتخذوا أخيرا خيار النهوض بدل الشلل والفوضى فالمصلحة العليا للبنان والشعب اللبناني تتطلب ذلك”.
في الموازاة، اتصال بارز اجراه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بالرئيس عون، اشار فيه الى أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات التي يمكن أن تؤدي إلى فرص اقتصادية وحكم أفضل ووضع حد للفساد المستشري.
فهل ستفعل سياسة الضغوط الدولية القصوى هذه فعلها في الداخل، وتلقى اذانا صاغية بحيث تجري الاستشارات في موعدها من جهة، وتكون درب التأليف بعدها مسهّلة؟ الاجوبة ستظهر في الساعات المقبلة، تتابع المصادر، غير ان البيان الذي صدر عن بعبدا مساء امس حول اتصال عون – بومبيو، والذي أسقط منه اي ذكر للملف الحكومي، حيث لم يشر الى ان بومبيو دعا الى الاسراع في التشكيل والى حكومة اصلاحات، هذا البيان لا يدعو الى التفاؤل كون الرسالة الدولية المستعجلة التكليف والتأليف، وصلت الى المسؤولين اللبنانيين. ففي احسن الاحوال، يتوقّع ان نشهد تكليفا الخميس، وان يبقى التأليف معلّقا الى حين جلاء معالم الصورة الاقليمية غداة الانتخابات الرئاسية الاميركية.. فهل سلّم الرئيس الحريري سلفا بهذا الواقع، وارتضى السير به؟