Site icon IMLebanon

الإطارات… جميلة عندما تُزرع وقبيحة عندما تُحرق

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

 

طوت انتفاضة 17 تشرين عامها الأول، بعدما حفلت بقطع الطرق وإقامة الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية في الساحات العامة، وقد تحوّل إطار السيارة المستعمل “الدولاب” حاكماً بأمره، بسواده و”شحتاره” ولهيبه الحارق، كوسيلة للتعبير عن الغضب العارم وإقفال الطرقات في مختلف المناطق، لا سيّما تلك التي تربط الجنوب بعاصمته بيروت. وخلال عام الإنتفاضة الشعبية الأول، كانت مشاهدة الدخان الأسود عن بعد علامة على قطع طريق، في وقت استكملت فيه العبوات البلاستيكية “القناني” المهمّة في سكب البنزين على الإطارات لإشعالها بقوّة.

اليوم، تستريح الإطارات والعبوات البلاستيكية داخل بعض الحدائق المنزلية والبساتين، وعلى جانب طرقات القرى، في مشهد مُغاير تماماً لما كانت عليه، وباتت الأزهار والنباتات ووريقاتها الخضراء تزيّن جوف هذه الإطارات كـ”المزهرية”، أو تسكن في قلب العبوات، وِفق ما يقول عباس خروبي “الحمد لله لقد تخلّصنا من سيّئات الإطارات المشتعلة التي كانت تنفث السموم والدخان الأسود”، قبل أن يُضيف “لقد حوّلتها اليوم صديقة للبيئة وزيّنت حديقة منزل والدي بها”، موضحاً “قمت بجمع الإطارات وغسلها ووضع التراب فيها وزرعها بالشتول والورود، ولولا جمعها من الشارع لكانت هذه الإطارات في طريقها الى الإحتراق ونفث سمومها، وأدعو كل محبّ للبيئة الى تزيين حديقة منزله بالزهور التي تحتضنها الإطارات”.

في صيدا، اتخّذ “الحراك الشعبي” من ساحة الثورة عند تقاطع ايليا نقطة تجمّع وانطلاق لمجموعاته التي قسّمت وِفق مهام متعدّدة، منها مجموعة كانت مكلّفة قطع الطرقات وإشعال الإطارات في ذروة الغضب والإضراب العام، بالرغم من الحفاظ على السلمية والحضارية. ويقول أحد الناشطين: “كنّا نحرق عشرات الإطارات يومياً، من هنا في الساحة وعلى الطرقات والمفارق وتحت الجسور”، قبل أن يضيف “حرق الإطارات سيّئ، لكن عندما تقف عند الساحة أو على الطريق، والسيارات تسير غير آبهة باحتجاجك، لا بدّ من استخدام هذا السلاح الضارّ (الاطار الاسود) لشلّ الحركة والإقفال قبل وصول القوى الأمنية التي كانت تُعيد فتحها أمام السيارات والمواطنين”.

ولا يُخفي الناشط وليد السبع أعين “أنّ الناشطين حرقوا مع بداية الإنتفاضة الشعبية، مئات الإطارات غضباً، وهذا أمر طبيعي في البداية بهدف لفت الأنظار اليها والى مطالبها المحقّة والعادلة، ولكن بعد مرور أشهر قليلة تغير الأسلوب وقرّرنا الحفاظ على سلميتها وحضاريتها قدر المستطاع لسببين: الأول، لإشعال الإطارات ضرر بيئي وصحّي على الناس وعلى المحتجّين أنفسهم، وتالياً إقفال الطرق ينفّر من الإنتفاضة ولا يحقّق دعمها. والثاني، بات هناك ساحة للثورة عند تقاطع ايليا للتعبير عن المواقف، ويمكن التوافق على تنظيم وقفات احتجاجية امام المؤسسات الرسمية أو فرع المصرف أو المصارف وغيرها لرفع الصوت بالمطالب بشكل سلمي”.

وتؤكد المواطنة باسمة بتكجي “أنّ الناشطين أدركوا أنّ المواطنين هم الذين كانوا يدفعون ثمن قطع الطرقات ولا سيّما اصحاب الأمراض المزمنة الذين حُرموا من العلاج الضروري واستنشقوا الدخان الأسود”، مشيرة الى أنّ “منظر الإطارات وهي تزهو بالورود والوان الحياة أفضل بكثير”، واعتبرت “أنّ حرق الإطارات جريمة بحقّ الإنسانية والطبيعة والتعويض عنها إعادة زرعها وتلوينها فرحاً”.