كتبت مارلين وهبة في “الجمهورية”:
قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبنانيين أمس إنّ «منطقتنا شهدت تغيّرات سياسية كثيرة وعميقة بفِعل عوامل إقليمية ودولية، وهذه التغيرات لم تظهر كل نتائجها بعد، وقد تقلب الامور رأساً على عقب»… فهل يمكن إدراج تلك التغيّرات بانعكاسات الاتفاقات المفاجئة بين بعض دول الخليج العربي وإسرائيل، بالإضافة إلى تغيّرات «الجغرافيا السياسية» في الشرق الاوسط؟ وهل ينسحب التغيير على المفوّضين الكبار المكلفين متابعة وتنفيذ خريطة طريق الرئيس دونالد ترامب السياسية في المنطقة في حال خسارته الرئاسة وفوز منافسه الديموقراطي جو بايدن؟ وهل يغادر معاونو ترامب لبنان نهائيّاً في حال فوز بايدن؟
ربما ما يعني اللبنانيين هو مدى انعكاس فوز بايدن على لبنان اكثر من بقاء أو انتهاء مهمة معاوني ترامب فيه في حال خسارته في الانتخابات الرئاسية، في وقت تبرز مؤشرات خارجية وداخلية ترجّح فوز بايدن فيها.
وفي المعلومات انّ شينكر لَمّحَ، في جلسة مع بعض اصدقائه اثناء زيارته الاخيرة للبنان، الى انها قد تكون زيارته الاخيرة لبيروت، الأمر الذي بَدا مؤشّراً وتلميحاً الى احتمال فوز بايدن.
وفي الموازاة، ترجح مؤشّرات خارجية وداخلية عدة إمكانية فوز بايدن.
ومن المؤشرات الخارجية:
– الاستطلاعات حول المناظرات الإعلامية بين الرجلين، والتي رجّحت كفة بايدن وانتقدت بشدة أسلوب ترامب…
– عودة المحادثات الاميركية ـ الايرانية في سلطنة عمان بعدما توقفت في آب الماضي، في وقت أصبح معلوماً انّ ايران تخوض محادثاتها في الولايات المتحدة مع الفريق الديموقراطي، أي مع بايدن، وهذا ايضاً مؤشّر الى تقدّم فرص نجاح بايدن.
في المؤشرات الداخلية:
ما رَشح عن زيارات شينكر الى مسؤولين لبنانيين ومضمونها الذي لم يحسم فوز ترامب، بالاضافة الى نصيحة قدّمها لبعضهم بالسَير بالرئيس سعد الحريري في الاستحقاق الحكومي، وفي ذلك دعوة ضمنية من شينكر الى قراءة سياسية مستقبلية معمّقة قبل التسرّع في اتخاذ القرارت.
في ما يعني لبنان ماذا سيتغير اذا وصل بايدن الى البيت الابيض؟
وفق المراقبين، سيتغيّر حكماً نهج السياسة الاميركية في الشرق الاوسط، وتحديداً في لبنان، إلّا انّ المصلحة الاميركية في السياسات الاستراتيجية الكبرى ستبقى ولن تتغيّر، وأبرزها «أمن اسرائيل» الذي سيتمسّك به مطلق أي رئيس اميركي يصل الى سدة الحكم. أي أنّ الرئيس الجديد سيغيّر فقط الاسلوب والطريقة والنهج للحفاظ على هذه الحقيقة «أمن إسرائيل».
ويقول المتابعون انّ بايدن كان مفاوضاً رئيسياً في الاتفاق النووي الاميركي – الايراني، لا بل كان أحد كبار صنّاع الاتفاق النووي الاميركي – الايراني، فإذا وصلَ الى سدة الحكم فإنه سيَخلف سلفه ترامب الذي أطاح ذلك الاتفاق. بمعنى آخر، انّ بايدن سيُعيد إحياء الاتفاق النووي مع ايران، ما يعني أيضاً امكانية أن يرفع العقوبات الاميركية التي فرضها ترامب عليها وعلى ايران وحلفائها، الامر الذي سيزيد من توسّع النفوذ الايراني في الاقليم، علماً انّه، بحسب هؤلاء، يشكّل في حدّ ذاته مصلحة اميركية جيو استراتيجية، بدليل انّ ترامب نفسه صَرّح أنه سيَعمد بعد الانتخابات الرئاسية الى إحياء مفاوضات جديدة مع ايران في شأن الملف النووي، أي انّه يعلم بدوره انّ المفاوضات مع ايران هي لمصلحته على قاعدة «اذا كانت اسرائيل ضرورة لتقسيم العالم السنّي ومَنعه من التواصل والاتصال الجغرافي الاستراتيجي بعضه مع بعض، كذلك هي الحال مع ايران الشيعية بالنسبة الى اميركا، فإيران ضرورة اميركية لحفظ التوازن السني في وجود تركيا السنية وأحلام الامبراطورية العثمانية.
فإذا أعادت اميركا تلك المفاوضات مع ايران، فهذا يعني انّ حلفاء ايران او الصوت الايراني في لبنان سيكون هو الوازِن في انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية المقبلة، اي بعد عامين، وستقوى ورقة حلفاء ايران في لبنان.
امّا بالنسبة الى العقوبات على حلفاء ايران و»حزب الله»، فتشير الاوساط المُطّلعة الى انّ مصلحة اميركا اليوم هي أقوى من تلك العقوبات، والدليل أنها أوقفت عقوباتها عن السودان وحسن البشير عندما فتح الأخير خطوطاً مع اسرائيل. وتعلّق الاوساط على هذه المعادلة بالقول «انّ المطلوب من لبنان هو أقل بكثير من فتح خطوط مع اسرائيل». وبالعودة الى المؤشرات الرمزية الداخلية، فإنّ اللقاء الاخير الذي جَمع شينكر مع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الذي طاوَلته تلك العقوبات بطريقة غير مباشرة من خلال الوزير السابق يوسف فنيانوس، يشكل دليلاً إضافياً على أنه عند المصلحة العليا للولايات المتحدة تصبح العقوبات تفاصيل، علماً أن اسرائيل لا تريد مطلقاً عودة الاتفاق النووي الاميركي – الايراني، الأمر الذي قد ينعكس على الداخل اللبناني في اعتبار انه ملعب اسرائيل الوحيد «لِلحَرتقة» على إيران، في وقت تتمتع اسرائيل في المنطقة اليوم، وتحديداً في عهد ترامب، بحرية مناورة لن تتوافر لها في حال فوز بايدن.