بعد ان اتسمت الجلسة الاولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بالنقاش في العموميات، يعقد يوم الاثنين المقبل الاجتماع الثاني “العملي” و”التقني” لحسم الخلاف بين الجانبين والاتفاق على ردم الفجوة المتنازع عليها والتي تبلغ مساحتها 2290 كيلومترًا مربعًا.
يعقد الاجتماع في مقر الامم المتحدة في الناقورة، وسترعى الامم المتحدة الاجتماع برئاسة يان كوبيش او من ينوب عنه كما ستشارك الولايات المتحدة الاميركية بالسفير جون دورشير المتوقع ان يصل لبنان نهاية الاسبوع. وتؤكد مصادر رسمية ان لا تبديل في الوفد اللبناني وقد يستعين بمستندات وخبراء في الموضوع لتعزيز موقف لبنان الذي يتمسك بحدوده الدولية المعترف بها منذ عام 1923 في اتفاقية بوليه – نيو كومب والتي ثبّتت في اتفاقية الهدنة العام 1949.
وستتمحور المفاوضات ضمن أربعة خطوط؛ أولها الخط الإسرائيلي الذي ينتهي بالنقطة رقم (1) الذي يقضم مساحات بحرية كبيرة من المياه الاقتصادية اللبنانية. أما الخط الثاني فهو الخط المعلن من قبل لبنان في العام 2011 والذي ينطلق من النقطة الحدودية البرية B1 عند رأس الناقورة وينتهي بالنقطة رقم (23)، فيؤكد حق لبنان بـ860 كيلومتراً مربعاً في المياه. وخلال محادثات غير مباشرة مع الجانب الأميركي في العام 2012، اقترح الخبير الحدودي الأميركي فريدريك هوف خطاً وسطياً يمنح لبنان 58 في المائة من المنطقة المتنازع عليها (الـ860 كيلومتراً)، وإسرائيل 42 في المائة. وبرز أخيراً الخط الحدودي الذي وضعه الجيش اللبناني في دراسته التي وافق عليها فخامة الرئيس وهذا الخط ينطلق من النقطة B1 الحدودية البرية التي تم الانطلاق منها في ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين في عام 1923، وجرى تثبيتها في اتفاق خط الهدنة بين لبنان وإسرائيل في العام 1949، وأخيرًا في الخط الأزرق الرقمي في العام 2000، وهذا الخط يعطي لبنان مساحة 1300 كيلومتر مربع إضافية جنوب الخط المعلن وبالتالي يزيد المساحة المتنازع عليها إلى 2290 كيلومتراً مربعاً في المياه.
العميد المتقاعد انطون مراد أوضح لـ”المركزية”، “ان الاثنين تنطلق المعركة الحقيقية او الاحتكاك الاول، بعد ان كانت الجلسة الاولى بروتوكولية، وسيبدأ الوفد اللبناني بعرض موقفه، وفقاً للتوجيهات الواضحة التي أعلنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اي اعتماد تقنية الخط الوسط، انطلاقاً من نقطة الـB1، دون احتساب جزيرة تيخيليت، أي اعتماد الخط الناتج عن دراسة قيادة الجيش.
وأكد مراد “ان لا تبديل في الوفد اللبناني، وجرى تجاوز الخلاف حول وجود نجيب مسيحي ضمن الوفد بعد ان تم التأكد، بحسب مصادر موثوقة، بأنه “العنصر الاكثر فاعلية واندفاعاً في الوفد”.
المستندات التي يرتكز عليها الوفد اللبناني بالنسبة للنقطة B1 هي خرائط بوليه – نيوكومب، اتفاقية الهدنة والخط الازرق الرقمي بالإضافة إلى لوائح الإحداثيات، لأن هذه النقطة مذكورة في هذه المستندات الثلاثة”.
ولفت مراد الى “ان اللقاء الاول سيكون بمثابة استطلاع بالنار حيث سيسعى كل فريق لمعرفة ما في جعبة الفريق الآخر، ولن يتم اتخاذ اي قرار. وسيحاول كل من الوسيط الاميركي والامم المتحدة إطالة أمد المفاوضات لتبريد الأجواء التي قد تتشنّج أحياًنًا، اي انها لن تنتهي بيوم واحد، ويتم بعدها تحديد موعد جديد”.
متى يتوقع انتهاء المفاوضات؟ أجاب: “الاميركيون اعطوا المفاوضات مهلة ستة اشهر، وهذه الفترة تعتبر سريعة وغير طويلة نظرًا لكون التفاوض سيتم بمعدل مرة او مرتين شهرياً ، وفي النهاية المطاف، الوفد اللبناني مهمته فقط محاولة الحصول على أقصى ما يمكنه من الفريق الاسرائيلي، لأن الموافقة او عدم الموافقة على الترسيم تتخذها السلطة السياسية، دون ان ننسى ان الوفد اللبناني ينطلق من نقطتي ضعف حمّله اياهما المسؤولون السابقون: الخطأ الاول حصل عام 2006 عندما اعتمدوا النقطة رقم واحد والثاني عام 2008 عندما وافقت اللجنة على النقطة 23 وتسرّع مجلس النواب في اصدار القانون 163 الذي على أساسه تم وضع المرسوم رقم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة في العام 2011، معتبراً “ان هاتين النقطتين سيستغلهما العدو الاسرائيلي وستكون نقاط ضعف للبنان ونقاط قوة لاسرائيل”.
وأضاف: “عندما اعطى هوف الخط الوسطي بين 1 و23 قسمه بين 500 كلم2 مربع للبنان و300 كلم2 لاسرائيل، فاعتبر الفريق الايجابي ان لبنان ربح 500 كلم2 والفريق السلبي قال ان لبنان خسر 300 كلم2. ما الذي سيحصل حالياً؟ إن انطلاق الوفد اللبناني من الخط الجديد جنوب النقطة 23 يُكبّر هامش التفاوض وبالتالي اذا افترضنا انه حصل على الـ23النقطة فإن الفريق السلبي سيقول ان لبنان خسر او تنازل عن 1300 كلم مربع، لافتا الى “ان التفاوض لا يعني ان لبنان سيحصل على كل حقوقه والا لما حصلت مفاوضات. اهم شروط التفاوض ان يشعر الفريقان بأنهما ربحا في مكان ما. وعلى الرأي العام ان يعي ان التفاوض لا يعني التنازل كما لا يعني في الوقت نفسه الحصول على كل الحقوق، لبنان لن يحصل على كل يطالب به”.
وختم: “قرار ترسيم الحدود لا تتخذه الا سلطة موحدة، وعندما حددت المبادرة الفرنسية ستة اشهر لتشكيل حكومة “المهمة” وتم تحديد ستة اشهر ايضا للمفاوض فأعتقد ان الامرين مرتبطان، وان المفاوضات قد تنتهي في غضون ستة اشهر اذا لم تتعرقل لسبب او لآخر”.