كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:
منذ حوالى تسعة أشهر، أقفلت الكثير من المؤسسات التي تهتم بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أبوابها بسبب جائحة كورونا. فعلى غرار المدارس، لم تعد المؤسسات تستقبل الشباب والصبايا الذين هم بحاجة للمساعدة والمتابعة اليومية والحصص العلاجية. ومنذ الأسابيع الأولى من الحجر الصحي، بدأت كثير من المراكز استعمال الوسائل الالكترونية للبقاء على تواصل يومي مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وبدأت المؤسسات ترسل نشاطات يقوم بها المرضى خلال النهار، كما قامت العديد منها باجتماعات مع الأهل للاطمئنان على صحة أطفالهم النفسية. وها هي سنة دراسة جديدة تبدأ في العديد من المؤسسات. فكيف يمكن للأب والأم مساعدة طفلهما ذوي الاحتياجات الخاصة في الدراسة؟
عادة في بداية شهر تشرين الأول، يرجع الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة إلى مراكزهم التي تقدم لهم برنامجاً كاملاً: تربوي وثقافي وعلاجي يشمل نشاطات عديدة. ولكن هذه السنة مختلفة كل الإختلاف، حيث لا رجوع إلى المركز وإلى النشاطات في ملاعبها. الدرس سيكون “أونلاين”، وهنا تكمن الصعوبة في إيصال الرسائل التعليمية بشكل واضح عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وطبعاً للأهالي دور بارز في مرافقة أطفالهم خلال الدراسة، حيث يأخذون على عاتقهم التفسيرات للدروس وبشكل متكرر. وطبعاً كل ذلك ليس بالأمر السهل والبسيط، مع الأجواء المقلقة والحساسة التي يمر بها لبنان والعالم أجمع.
هل هي مهمة صعبة؟
من أكثر المهام صعوبة عند الأهل تعليم أطفالهم ذوي الإحتياجات الخاصة، ولكن لا يمكن أن ننكر العلاقة التي تبنى بين الفريقين خلال الدرس. وسيكون على عاتق الأهل الذين، في بعض الأحيان، يستسلمون أمام المهمة الصعبة ولا يدرون كيفية معالجتها. ستكون المهمة أصعب، إذ على الوالدين الاهتمام بالشق النفسي عند أولادهم وليس فقط بالجانب التربوي والدراسي. أمّا أهم القواعد التي يجب أن يتبعها الأهل خلال حصص الدراسة عبر الأونلاين، فهي:
– وجودهم قرب أطفالهم خلال الحصص لمساعدتهم. ويمكن تقسيم هذه المهمة ما بين الأب والأم والإخوة أو الأخوات الكبار.
– التفسير المتكرر والبحث على الإنترنت لحل المسائل العلمية بشكل بسيط يمكن أن يستوعبه الطفل.
– القراءة بشكل بطيء وتقديم التفسيرات للطفل.
الدرس والحجر المنزلي والأهل!
هناك امور يجب أن يراعيها الأهل خلال الدرس مع أطفالهم ذوي الإحتياجات الخاصة، من أهمها:
– تحضير جدول دراسي مع الطفل، من خلاله يحترم الطفل أوقات الدرس وأوقات اللهو. يجب أن تساعد الام طفلها الصغير في وضع جدول درسه، حيث سيشعر بالمسؤولية تجاه نفسه.
– القيام بنشاط صغير بين حصة دراسية وأخرى، أو إعطاء الطفل مكافأة صغيرة.
– يجب ان يكون الطفل مهيئاً نفسياً للدراسة. تؤدي الأم دوراً بارزاً في هذا الموضوع، حيث يمكن أن تجلس مع طفلها ومحادثته. كما يمكن للأب أن يقوم ببعض النشاطات معه.
– الإيجابية في حديث الأهل تجاه الطفل الذي يتحضّر لمهامه الدراسية بعدما يكون الأهل قد فسّروا البرنامج الدراسي لكل يوم بيومه.
– إختيار المكان المناسب لدراسة الطفل، علماً أنّ توجيهات الأهل هي أساسية في هذه الناحية.
– الدراسة الفردية أو ما نسمّيها One to One تساعد كثيراً الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة على أن يستوعب جيداً ما يتعلّمه. بينما المواد التي تتطلب مشاركة الصف (المواضيع الإجتماعية على سبيل المثال Social Skills)، فمن المُستحسن أن تتميّز بالرسم والتلوين والنشاطات التي تدفع الطفل إلى الابتكار والتواصل مع غيره من الأطفال.
– يجب مراعاة الخصائص الذهنية والإنفعالية لكل طفل.
وإذا رفض الطفل الدرس؟
يواجه الكثير من الأهالي مشكلة عدم رغبة الطفل في الدرس. فنراه يركل ويضرب ويشتم ويصرخ: “لا أريد أن أكمل درسي! لا أحب المدرسة! أكره الدرس!…” وغيرها من العبارات المعبّرة عن غضبه. كما يلجأ البعض الآخر إلى الاكثار من الطلبات لكي لا يستكملوا درسهم: “أريد أن أشرب الماء! أريد الدخول إلى المرحاض! إنني جائع أريد أن آكل تفاحة!…” إذاً، الطلبات والمعارضات كثيرة والمطلب واحد: الإستراحة من الدرس. لذا، إذا رفض الطفل متابعة درسه يجب على الأهل اتّباع الخطوات التالية:
– إعطاء الطفل بعض الوقت للاستراحة أو شرب الماء أو عَصرونية صغيرة مع قطعة شوكولا، كعربون شكر له بأن يقوم بكثير من الجهد لكي يدرس.
– الإبتعاد عن كل أشكال العنف: اللفظي والجسدي والمعنوي… فإذا استعمل الأهل بعض العبارات النابية لطفلها، فإنّ ذلك لن يساعدهم في عملية تلقينه دروسه. بل العكس صحيح، سيتأثر الطفل نفسياً ولن يعود قادراً على استيعاب دروسه. إنّ مساندته هي الطريقة المثالية لمساعدته في درسه.
– المرح واللهو من أبسط وأحلى الاوقات التي تساعد الطفل على الاستراحة، خاصةً عندما يقرر عدم إكمال دروسه. فبعض النكات المُضحكة وسماع موسيقى جميلة وربما الرقص والغناء لفترة قصيرة، يمكن أن تشجّع الطفل على الدراسة.
لا يجب أن تكون ساعات الدرس في البيت مُملة. فحتى لو كان هناك الكثير من الواجبات اليومية، وحتى لو أراد الأهل إنهاء تحضير جميع الدروس بشكل كامل، فإنّ كل ذلك لا يعني أن ننقل خوفنا وقلقنا إلى الطفل.
كيفية التواصل مع طفلنا ذوي الإحتياجات الخاصة؟
للأهل سلوكيات خاصة يجب الإنتباه إليها خلال تواصلهم مع طفلهم ذوي الإحتياجات الخاصة، وهي:
– طلب المساعدة من الأخصائيين النفسيين للدعم النفسي ويمكن الاستفادة من تجارب وخبرات العائلات الأخرى التي لديها طفل مع احتياجات خاصة. وتَعلّم طرق جديدة، تساعد الأهل على التأقلم.
– الإبتعاد عن الغضب والشعور بالحزن بسبب حالة الطفل. وطبعاً من الصعب تَقبّل الواقع دفعة واحدة، خاصة حين يقارن الأهل طفلهم بأطفالٍ آخرين. ولكن الذي يجب معرفته هو أنّ الطفل ذوي الإحتياجات الخاصة هو كباقي الأطفال لديه مشاعر وأحاسيس وحاجات يجب أخذها بعين الاعتبار.
ومن أهم النقاط التي تبني علاقة تواصل مع الطفل ذوي الإحتياجات الخاصة:
– إستعمال جميع الطرق للتواصل معه. وعدم كثرة الكلمات والجمل الطويلة، بل يجب أن تكون الكلمات بسيطة والجمل قصيرة.
– تحديد جدول النشاطات الذي عليه القيام بها (حاليّاً نشاطات داخل المنزل).
– الإبتعاد بشكل قطعي عن العدوانية بكل أشكالها (اللفظية والجسدية).
– الاستماع إليه أو محاولة فهم ما يقصده.
– الصبر هو مفتاح نجاح التواصل معه.
– مشاركة الطفل مهما كانت احتياجاته في الحياة اليومية للعائلة. وذلك يعزّز انتماءه، كما ينمّي التواصل المباشر أو غير المباشر بين الطرفين.