القراءات السياسية لمرحلة ما بعد التكليف، تتقاطع عند اعتبار أنّ الوضع المضطرب سياسياً كما هو سائد حالياً، لا يبشّر استمراره بالذهاب الى تأليف سلس للحكومة، رغم الحاجة الماسة اليها.
وتعطي هذه القراءات لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، الدور الاساس في فكفكة الالغام السياسيّة. وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً ونوعيًّا من كليهما لتدوير زوايا التناقضات السياسية وتنفيس احتقاناتها وتضييق الفجوات بين بعض الأطراف، وذلك حتى لا تتورّم أكثر وتسدّ معبر تأليف حكومة، يُراد لها أن تقوم على أرض صلبة وبالحدّ الأعلى من التحصين والتفاهم الداخلي.
إلاّ انّ هذا الوضع وعلى صعوبته، وكما يؤكّد مرجع سياسي لـ”الجمهورية”، ليس عصياً على امكان تبريده، فمرحلة ما قبل التكليف كانت مرحلة انفعالات، ولكل طرف اسبابه، أما ما بعد إتمام التكليف، فصرنا أمام لحظة الحقيقة وأمر واقع جديد، صار الجميع محكومين بالتعاطي معه، خارج اطار انفعالات ما قبل التكليف.
وقال المرجع: “لنكن صريحين، كل الاطراف محشورون، وهوامش المناورات صارت في اضيق حدودها لدى كل الاطراف من دون استثناء اي منها، خصوصا أنّ هذه الاطراف لا يملك أيّ منها مفتاحاً للحل، وبالتالي مهما ارتفعت الاصوات والاعتراضات ومهما علت النبرات، ستصطدم بحقيقة أنّ أحداً لا يستطيع أن يهرب من الفرصة الإنقاذية التي توفّرها المبادرة الفرنسية، والكلّ مدركون أنّ لا مصلحة في تأخير ولادة الحكومة، وأنّ اللبنانيين متعلقون بهذه الفرصة، وضياعها معناه انتقال لبنان الى وضع كارثي، فهل هذا هو المطلوب”.
ويلفت المرجع المذكور الى ما يصفها بـ”بارقة أمل” تلوح في أجواء الرئيسين عون والحريري، “فكلاهما متمسّكان بتلك الفرصة، واجواؤهما تعكس رغبة مشتركة في التعاون الى أبعد الحدود، وصولاً الى الاتفاق على صيغة حكومية تعبّر عن تطلعات اللبنانيين بالإنقاذ والإصلاح”.