كتبت كارولين عاكوم في صحيفة الشرق الأوسط:
أعادت نتائج الاستشارات النيابية التي أدت إلى تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة المشهد السياسي اللبناني المتناقض الذي يعكس توزيعاً في أدوار الأحزاب الرئيسية التي تعارض وتبقى متمسكة بالسلطة.
مثال على ذلك موقف «حزب الله»، المتمثل في عدم تسمية الحريري في الاستشارات، رغم حرصه على حصة في الحكومة، وموقف «التيار الوطني الحر» الذي عارض الحريري وشن حملة ضده، لكنه حدد شروطاً للمشاركة في حكومته، فيما يفترض بمن عارض أن يمارس دور المعارضة، ويبقى خارج السلطة، وهو الموقف الذي اتخذه حزب «القوات اللبنانية»، معلناً رفض المشاركة في الحكومة، وربط منحها الثقة بالصيغة الحكومية التي سيقدمها الحريري.
وكان «حزب الله» قد اشترط، وحليفته حركة أمل، منذ تكليف مصطفى أديب، الحصول على وزارة المال، وتسمية الوزراء الشيعة، وهو الأمر الذي عرقل مهمة الأخير، وأدى إلى اعتذاره.
ويرفض النائب عن «التيار الوطني الحر» ماريو عون الربط بين معارضة تسمية الحريري والمشاركة في الحكومة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «عدم تسمية الحريري لا تغير شيئاً، ومصلحة الوطن هي الأساس، وسنمد يد التعاون. وإذا لم ننجح، فلا مانع لدينا أن نبقى خارج الحكومة».
ويضيف: «لم نمنح أصوات نواب التكتل للحريري لاعتراضنا على أن يكون سياسي على رأس حكومة غير سياسية. أما وقد كلف اليوم، وأبدى انفتاحاً على الجميع، فسنتعامل معه على غرار كل الكتل النيابية الأخرى، ومن بينها كتلة (حزب الله) التي لطالما لم تمنح أصواتها للحريري، إنما شاركت في حكوماته».
ويلفت عون «إلى أن المشاركة في الحكومة متوقف على المشاورات وخريطة الطريق التي سيضعها الحريري لتأليف مجلس الوزراء. وإذا رأينا أن شكل الحكومة لا يلبي نظرتنا، عندها سيكون لنا الموقف المناسب».
ومع انتقاده لموقف «التيار»، يقول النائب عن كتلة «التنمية والتحرير»، قاسم هاشم، لـ«الشرق الأوسط»: «منطق الأمور يقول إن الفريق الذي لا يسمي رئيس الحكومة لا يشارك في مجلس الوزراء، لكن الأعراف في لبنان فرضت واقعاً مختلفاً، حيث إن هناك من يعارض الرئيس المكلف ويرفض تسميته، ثم يعود ويضع شروطاً للمشاركة في الحكومة، وهذا أسوأ ما يكون في السياسة، وهو يعكس النقاط السلبية في تركيبة النظام اللبناني».
ويرى هاشم في الشروط التي يرفعها رئيس «التيار»، جبران باسيل، تكريساً لواقع حزبي سياسي، في إطار حفظ المصالح في التركيبة والقرار السياسي، مضيفاً: «للأسف، فإن الأمور في لبنان اختلطت وتداخلت بين المصلحة الحزبية والطائفية والمذهبية، تحت عنوان المصلحة الوطنية».