كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
يغيب الوعي وحسّ المسؤولية بين المواطنين في مواجهة وباء “كورونا”، وينتشر الإهمال وعدم أخذ الأمور على محمل الجدّ، المترافق في معظم الأوقات مع إنكار الإصابة وعدم التوجّه لإجراء الفحوصات، وإن كانت العوارض واضحة، وكأنّ الإصابة عيب من دون مراعاة خطر نقل العدوى بين الناس وتفشّي الوباء.
كالنار في الهشيم، ترتفع أعداد الإصابات في لبنان عموماً، ويزداد الخطر في محافظة بعلبك ـ الهرمل، حيث بدأت الأمور تخرج عن السيطرة مع الإرتفاع التدريجي لعدد الإصابات التي تتوزّع بين مختلف المناطق والبلدات، من بعلبك إلى الهرمل مروراً ببلدة عرسال وبريتال وغيرها. ووصل عدد الإصابات الناشطة وِفق محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر الى 700 حالة موزّعة على أنحاء المحافظة. ويتزامن إرتفاع عدّاد الإصابات مع عودة المدارس الى استقبال التلاميذ، والخوف من إنتشار العدوى فيها، بالرغم من اتّخاذ الإجراءات الضرورية والتباعد الإجتماعي والتعقيم وفصل الصفوف.
الخوف من فوضى الإصابات المتزامنة مع فصل الخريف وموسم البرد والإنفلونزا لم يُثنِ الناس عن ممارسة أعمالهم، من دون مراعاة أدنى شروط الوقاية والحماية. فالأعراس لا تزال قائمة في بعلبك بالوتيرة نفسها، والأحياء تشهد التجمّعات والعزاء، ناهيك عن الإختلاط في الأسواق التجارية والشعبية من دون أبسط مقوّمات المحافظة على المسافات الآمنة وارتداء الكمّامة.
وفيما يغيب الوعي عند المواطنين، تناقض بعض البلديات في بعلبك ـ الهرمل ذاتها، في التعامل مع الوباء الذي ينتشر من دون رادع أو رقيب. ففيما تدعو في بيانات الأهالي إلى إلتزام منازلهم بعد تسجيل إصابات، تضرب بدورها تلك الإجراءات بعرض الحائط لإستقبال وزير من هنا، أو إقامة إحدى جمعيات المجتمع المدني التي تدّعي المحافظة على المواطنين، حفلاً يختلط فيه الحابل بالنابل برعاية وحضور الوزير أيضاً. ومن بعلبك حتّى الهرمل، يتنقّل وزير الزراعة عباس مرتضى مشكوراً، يفتتح معارض للكرمة ومراكز للمشروع الأخضر، على وقع أهازيج الدبكة ونحر الخراف والمصافحة.
فيوم السبت، أقامت إحدى الجمعيات في بعلبك، حفلاً ليوم الكرمة، برعاية الوزير المختصّ، من دون مراعاة أدنى شروط التباعد الإجتماعي، مع الحفاظ على إرتداء الكمّامة، حيث نشطت فرقة الدبكة أمام الوزير والمدعوين، وغاب الخوف عن المواطنين. سبق ذلك بأيام يوم التفاح، مع مخالفة أيضاً لشروط التباعد الإجتماعي والوقاية.
… واحتفال آخر
وفي بلدة عرسال التي دعت بلديتها قبل أيام، المصابين والمخالطين إلى إجراء الفحوصات وإلتزام العزل والحجر كونه أقلّ ضرراً من عزل البلدة بأكملها، نظّمت يوم الجمعة إحتفالاً شعبياً حاشداً لوزير الزراعة، لافتتاحه مركزاً زراعياً لمتابعة الشأن الزراعي في البلدة. وغصّ الإحتفال بالمواطنين كما كل الإحتفالات، واستُقبل الوزير بنحر الخراف ونثر الأرز، على وقع الأغاني الشعبية التي صدحت في ساحة البلدة.
وفي هذا الإطار، أكّد عضو مجلس بلدية بريتال جهاد اسماعيل “وجوب التشدّد في تطبيق الإجراءات الوقائية، خصوصاً لناحية ارتداء الكمّامة والتباعد الاجتماعي وعدم الإختلاط، ومنع أي شكل من أشكال التجمّعات، منعاً لتفشّي الفيروس، وحفاظاً على السلامة العامة، مُناشداً المصابين وجوب التزام الحجر المنزلي، لا سيما وأنّ العدد التراكمي للإصابات في بريتال، بلغ منذ بداية الأزمة 35 حالة. ودعا وزارة الداخلية والبلديات الى العمل بموجب توصية التعبئة العامة، من خلال إصدار قرار الإقفال العام في كل البلدة لمدّة أسبوعين، وذلك في محاولة لمكافحة الوباء، خصوصاً وأنّ قوته تزداد شيئاً فشيئاً في فصل الخريف.