يبدو ان تفاهما تم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري على صيغة الحكومة ومهمتها، وبعض العناوين المرتبطة بما ينتظرها من مهمات أساسية كعملية توزيع الحقائب والاختصاصات والمداورة.
ويبدو أيضا ان ملامح التبدل في مناخ التأليف بين تجربة السفير مصطفى أديب وتجربة الرئيس الحريري وطريقته في التواصل المباشر تركت أثرا إيجابيا لدى الرئيس عون.
وربما لهذا علاقة بانضمام روسيا الى الولايات المتحدة وفرنسا، في دعم حكومة «المهمة المحددة» التي يشكلها الحريري والذي كان كلف مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان بالتواصل مع المسؤولين الروس، وبدا أن لقاء شعبان مع ميخائيل بوغدانوف، الديبلوماسي الروسي المعني بشؤون الشرق الأدنى، كان مثمرا.
ووفق مصادر متابعة لـ«الأنباء» ان ثمار هذا التلاقي الدولي الثلاثي حول الحكومة الحريرية، ستظهر ترجمته، بانحسار التأثير الإيراني على تشكيلة الحكومة.
ونتائج ذلك، يفترض ان تظهر على المستوى الداخلي، بتفهم الأطراف الداخلية لمعطيات الإلحاح الدولي على تشكيل الحكومة بأسرع وقت، وبالتالي تجاوز المعوقات التقليدية من المحاصصة الى المداورة، الى الثلث المعطل، الذي لم يطرح في التداول بعد، بانتظار تمرير المعرقلات الأخرى الأكثر إلحاحا، الى ربط توقيت تأليف الحكومة بالانتخابات الرئاسيــــة الأميركية.
الرئيس المكلف، أخذ من الاحتضان الدولي حافزا لتسريع تأليف الحكومة، مراهنا على تجاوب الأطراف المحلية، بالابتعاد عن الشروط التي تثير شروطا مقابلة، أكان على صعيد احتكار الوزارات او نوعية الوزراء.
وهنا يقال ان الرئيس الحريري عرض التنازل عن وزارة الداخلية، في إطار عملية التبادل، في حين يقول موقع «الأنباء» الاشتراكي التابع لوليد جنبلاط ان الثنائي الشيعي متمسك بوزارة المال.
البطريرك الماروني بشارة الراعي حث في عظة الأحد من بكركي، الرئيس سعد الحريري على تخطي شروط الفئات السياسية والشروط المضادة، وتجنب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين الطائفيين والشعب منهم براء، واحترام الالتزام ببنود الميثاق الوطني والدستور ومستلزمات الإنقاذ وقاعدة التوازن والمداورة الشاملة.
وحذر الراعي من الاتفاقات الثنائية السرية ومن الوعود التي تحمل في طياتها خلافات ونزاعات، على حساب نجاحات الحكومة، فما «خفي إلا وظهر».
الراعي توجه الى الحريري قائلا: «لا تخيبوا آمال اللبنانيين والمجتمع الدولي، وأضاف: يا رئيس الحكومة الجديدة، لا تضع وراء ظهرك المسيحيين»، تذكر ما كان يردده المغفور له والدك: «لا يمشى من دون المسيحيين، هذا انتباه فطن وحكيم، فالمسيحيون لا يساومون على لبنان لأنه وطنهم الوحيد والأوحد وقد ضحوا في سبيل ايجاده وطنا للجميع.
ولاحظ متابعون غياب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن لقاءات بعبدا الحكومية، لأول مرة.
ورد المتابعون ذلك إلى الإخفاقات التي مني بها العهد طوال سنواته الأربع وخصوصا الأخيرة منها، والتي شهدت تدخلات دولية مباشرة، فقد فيها باسيل أي دور تواصلي مع الخارج، وخصوصا على المستوى العربي، وربما اسهم رهانه على «الشرق» في إيصاله إلى هذا الحائط.
وينسب المتابعون التحذيرات الصادرة من القصر الجمهوري لتسريبات ألصقت بمصادر القصر، قبل وبعد لقاء عون- الحريري، إلى مواقع اعلامية ليست غريبة عن التيار، والتي وصفت بـ «التشويشية».
وكان المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية لفت في بيان إلى ما تنشره وسائل إعلام مرئية ومكتوبة ومسموعة، من حين إلى آخر عن معلومات ومواضيع مختلفة تنسبها إلى مصادر قصر بعبدا أو «مقربين» من «رئيس الجمهورية»، أو «مصادر واسعة الاطلاع» على مواقف بعبدا وغيرها من توصيفات، مؤكدا أن هذه المعلومات كاذبة.
وفي سياق متصل، توقع نائب بيروت من كتلة المستقبل نزيه نجم، تشكيل الحكومة خلال عشرة أيام، كما وعد الرئيس المكلف.
وقال نجم في حديث اذاعي أن الحريري أتى برؤية جديدة وأنه والرئيس عون سيشكلان ويوقعان حكومة بوجوه جديدة ونظيفة. اما عن رؤية الحريري فإنها تتمثل بالورقة الفرنسية، التي ستكون البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
وأضاف: الجميع يدرك أنه بالمحاصصة سيخسرون وسيف العقوبات سيكون موجعا، مشيرا إلى أن انفجار المرفأ شد أنظار العالم باتجاه لبنان.