كتب غاصب المختار في “اللواء”:
ما الذي تغيّر حتى سادت الإيجابية فجأة في موضوعي تكليف الرئيس سعد الحريري ومشاورات التأليف مع الكتل النيابية؟
ظهرت مؤشرات عديدة دفعت الى ترويج اجواء إيجابية حول تسهيل تشكيل الحكومة، وذهبت بعض المعلومات الى انها ستكون منجزة خلال عشرة ايام او اسبوعين، وان اول مسودة يمكن أن تنجز الخميس أو الجمعة.
من المؤشرات اولاً، موافقة الحريري على تخصيص حقيبة المالية للطائفة الشيعية ولحركة امل تحديداً، بعدها مشاورات الحريري مع الكتل النيابية للوقوف على رأيها في التأليف شكلا ومضموناً. والاهم فيها اللقاء بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وما رشح عنه من اجواء «ود وعتب وغسل قلوب واستعداد للتفاهم والتعاون». ثم لقاء الرئيس ميشال عون والحريري الذي استغرق ساعة كاملة بعد انتهاء المشاورات النيابية، والذي عادة لا تستغرق الجلسة الأولى منه بين الرئيسين أكثر من نصف ساعة. وهو اللقاء الذي وصف بالجيد والايجابي والذي تناول بعض التفاصيل المتعلقة بالتوجهات العامة للحريري في تشكيل الحكومة والملفات التي ستواكبها الحكومة واهمها الاصلاحات ومفاوضات ترسيم الحدود.
قبل ذلك صدر كلام عن معاون وزير الخارجية الاميركية للشرق الاوسط ديفيد شينكر قبل أيام، الذي قال فيه: انه لا يهم اميركا من يكون رئيس الحكومة ولا من تضم الحكومة، بل ما يهم البدء بالاصلاحات فوراً. وهو كلام يحصل للمرة الاولى، بعد المواقف التي تم تسريبها عن رفض اميركا لتمثيل حزب الله في الحكومة.
كما ان هناك من تحدث عن «ضغط فرنسي معنوي للإسراع في تشكيل الحكومة، وإحتمال تقديم مساعدة فرنسية مالية سريعة بقيمة ملياري دولار للحكومة، لمعالجة المشكلات الطارئة بعد انفجار بيروت».
وثمة من سأل: هل هناك من رأى ضرورة عزل لبنان عن انتظار الاستحقاقات الكبرى الدولية والاقليمية، ومنها: انتظار نتائج الانتخابات الأميركية وتوجهات الرئيس الجديد جو بايدن في حال فوزه او الرئيس دونالد ترامب في حال التجديد له. وموضوع التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الاسرائيلي، وإجراء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية في اجواء هادئة، وحل مشكلات لبنان الداخلية أولاً والنهوض من تحت ركام الأزمات الواجب لاحقاً.
ومع ذلك، تفيد مصادر رسمية ان هناك حذراً في التعاطي مع الاجواء الإيجابية والتشاؤمية على السواء. وتدعو الى التعاطي الواقعي مع مجريات الامور يوماً بيوم. فما هو ايجابي اليوم قد ينقلب الى سلبي غداً إذا تعقدت مفاوضات تأليف الحكومة لجهة توزيع الحقائب وحصص القوى السياسية والطوائف.
وترى المصادر ان تفاهم سعد الحريري مع الثنائي امل وحزب الله حول تسمية الوزراء وتخصيص المالية لهما، يستتبع حكماً التفاهم مع الجميع، وهنا نعود الى مقولة الرئيس عون وباسيل حول وحدة المعايير في التأليف.
وتابعت المصادر ان الحريري تراجع خطوة عمّا كان مطروحاً من شروط خلال مفاوضات تشكيل حكومة السفير مصطفى أديب لجهة تسمية كل الوزراء وتولي الرئيس المكلف توزيع الحقائب، بل هو تحدث عن تفاهم بين الأطراف السياسية للتفاهم على تشكيل الحكومة. وهذا قد يعني ايضا موافقة ضمنية على تشكيل حكومة من اختصاصيين مطعمة بنكهة سياسية، وان الحكومة ستكون من عشرين وزيراً بينهم ستة اختصاصيين من اختيار القوى السياسية.
وبغض النظر عن التفاصيل اللاحقة حول توزيع الحقائب، فإن الحريري سيباشر فعلياً اعتباراً من اليوم الاثنين اتصالات مكثفة مع القوى السياسية للبحث عن صيغ مقبولة منه اولا ومن رئيس الجمهورية ومن الاطراف الاساسية سواء التي سمّته في استشارات التكليف او لم تسمّه. هذا إذا لم يكن قد اجرى خلال عطلة نهاية الاسبوع بعض هذه الاتصالات. وتردد انه قد يلتقي المعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله، النائب علي حسن خليل وحسين الخليل، وربما لاحقاً النائب جبران باسيل الى آخرين مؤثرين بتشكيل الحكومة وتوفير الضمانات السياسية والثقة النيابية الوازنة لها.