أشار وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى الى ان “وقوع انفجار بيروت في منطقة المرفأ، وسط أحياء تراثية وتاريخية، أدى إلى تضرر الآلاف من الوحدات السكنية والمئات من الأبنية التراثية والتاريخية، وانسحبت الأضرار على الصناعات الثقافية. باختصار، لقد ترك الانفجار بصمات مدوية في قطاعنا الثقافي المادي واللامادي، شكلت نداء استغاثة للمجتمع الدولي والمحلي، فسارعت جهات دولية ومحلية، رسمية وخاصة إلى بذل الجهود، كل ضمن اختصاصها وإمكانياتها لإنقاذ تراثنا المعماري، والحفاظ على النسيج الاجتماعي الوطني في هذه الأحياء”.
وشدد مرتضى، خلال إطلاقه المرحلة الثانية من عملية تدعيم وترميم الأبنية التراثية في بيروت، في مؤتمر صحافي عقده في قصر الأونيسكو في بيروت، على “أهمية تضافر الجهود ودور الوزارة”، وقال: “نلتقي اليوم، بعد مرور تسعين يوما على هذه الكارثة، لنتشارك مبادرة وزارة الثقافة في إعادة ترميم الأبنية التراثية، وما آلت إليه المرحلة الأولى، وإطلاق المرحلة الثانية”.
وشرح مرتضى الآلية المتبعة، وقال: “بداية، اعتمدت وزارة الثقافة على المسح الأولي للأحياء المتضررة، ليتم تقسيم المناطق إلى ثلاث (المنطقة الحمراء، المنطقة البرتقالية والمنطقة الزرقاء)، آخذين بعين الاعتبار عامل موقعها بالقرب من موقع الانفجار أو مدى مواجهتها له. وتم تحديد الأبنية التراثية المتضررة وفقا لدرجة تضررها. وأطلقت، على أساس هذا المسح، خطة عمل تمتد على ثلاث مراحل، تم تحديد هدف كل واحدة منها بالاستناد إلى أولويات التدخل الميداني والتقني”.
واضاف: “من البديهي، أن تكون المرحلة الأولى قد خصصت لأعمال التدعيم الطارئة وتغطية أسقف القرميد المتضررة، لا سيما وأننا قاب قوسين من فصل الشتاء”.
وتابع: “للأسف، لقد استنفدت المرحلة الأولى الإمكانيات المادية للمساهمين المتطوعين مجانا، فتعثرت عملية استكمال أعمال التدعيم والتغطية لعدد من هذه الأبنية، في ظل ضآلة المساهمات المالية واقتصارها على دعم مادي قدمه مشكورا كل من تحالف “أليف” ومنظمة الأونيسكو والمعهد الألماني للآثار. وعلى الرغم من هذه التعثرات والمصاعب، قررنا أن نمشي قدما في خطتنا الإنقاذية للنسيج الاجتماعي والمعماري للعاصمة بيروت، متسلحين بإرادة الحياة والصمود المنبعثة من كل فرد فينا، ومن كل زاوية من زوايا بيروت، معتمدين على دعم الدول الصديقة والجمعيات والمنظمات المحلية والدولية”.
ولفت وزير الثقافة الى ان “المرحلة الثانية يتداخل فيها العنصر الإنساني مع أعمال الترميم التي تتطلب /300/ مليون دولار أميركي. حق المواطنين على دولتهم مساعدتهم لترميم منازلهم المتضررة وتأمين عودتهم السريعة الآمنة إليها. ولكن يبقى العامل المادي عائقا أساسيا أمام استكمال أعمال الترميم والتأهيل، يقتضي علينا محاربته وعدم الاستسلام له وطبعا التغلب عليه”.
واكد “ان بيروت لن تبنى إلا بجهودنا جميعا، أفرادا وجمعيات ومنظمات محلية ودولية، مواطنين مقيمين أو مهاجرين، لذا تعالوا نطلق معا المرحلة الثانية من خطة ترميم وتأهيل أحياء بيروت التراثية من خلال حملة “تبني مبنى تراثي” Adopt a House أو تبني مجموعة من الأبنية التراثية تشكل في ما بينها نسيجا متماسكا يشمل في طياته البعد الإنساني والاجتماعي والثقافي للمكان”.
وختم الوزير مرتضى: “أتوجه بكلام لا أريد منه بعث التشاؤم في نفوسكم، ولكن وبعد مرور أشهر على كارثة بيروت، نقف عاجزين عن مداواة جروح عاصمتنا التي تئن وتستغيث طلبا للنجدة. أنقل لكم أنين بيروت، وأتوجه إلى اللبنانيين في الوطن والمهجر، وإلى أصدقائنا الدوليين: إدعموا بيروت، ساعدوها لتنتفض كطائر الفينيق، بيروت تنتظر منا الوفاء فلا تخذلوها. كلنا بيروت”.