IMLebanon

دريان: مسعى الحريري فرصة على الجميع انتهازها

أشار مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان إلى أنه “لقد انقضى عام وأكثر على الانهيار الاقتصادي الذي هد عيش اللبنانيين وضرب السكينة في حياتهم وصيرهم مثلًا بين الأمم، على سوء التقدير والتدبير. ولذلك، فإن المسعى الحالي من جانب الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل حكومة انقاذية قادرة وفاعلة هي فرصة يكون على الجميع انتهازها، لإخراج البلاد من أزماتها من جهة، والالتفات إلى مأزق مدينة بيروت المنكوبة بانفجار المرفأ، على مشارف فصل الشتاء. لن يهب أحد لمساعدتنا إن لم نساعد أنفسنا في هذه الظروف المصيرية، التي يعاني فيها اللبنانيون معاناة عز نظيرها”.

وأضاف، في رسالة وجهها إلى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي: “إن التعاون البناء والمخلص مع الرئيس المكلف، يسهل مهمته في تشكيل حكومة تنقذنا مما نحن فيه، من انهيار على الصعد كافة، وهو مطلب جميع اللبنانيين الحرصاء على وطنهم. وتقديم التسهيلات، والتعاون لإنجاح مهمته، مسؤولية القوى السياسية، لإنقاذ لبنان من براثن الأزمات التي أغرق فيها. والمناخ السائد في البلاد، يتجه نحو الإيجابية والمرونة، لولادة حكومة تشكل فريق عمل متجانس، بعيدا من المناكفات السياسية، وتبدأ بحل مشاكل المواطنين المتراكمة، الذين ينتظرون بشائر انفراجات على المستوى السياسي، ينقصها الإسراع في تشكيل الحكومة، لتعود الثقة إلى نفوس اللبنانيين، وتكتمل فرحتهم في إعادة النهوض بوطنهم اقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا وإنمائيا، وبمساعدة ودعم أشقائهم العرب، والدول الصديقة”.

وتابع: “أيها اللبنانيون، إننا نتطلع إلى عمل جاد ومخلص، وتعاون بناء، على صعيد مؤسسات الدولة الشرعية، انطلاقا من التزام أحكام الدستور، وتطبيق القوانين المرعية الإجراء، في معالجة مشاكل الناس الحيوية. لا نريد بعد الآن، أن نسمع خطابات طائفية أو مذهبية أو مناطقية من هنا وهناك، ولا نريد لأي فئة أن تعتبر هذا الموقع أو ذاك حكرا عليها، فالوطن للجميع، والجميع في خدمة الوطن والمواطن، الذي آن له أن يستريح بعد هذه المعاناة الطويلة، التي لم يتسبب بها ولم يسع إليها، لا بد من أن يشعر المواطنون أن أولي الأمر، في المجالين الاقتصادي والسياسي يحسون بالأزمة الكرب، النازلة بالوطن والمواطنين، ويسعون بالمرونة والعقل الناشط، وتجاهل الحزبيات والطائفيات، لإخراج البلاد والعباد من أهوال هذه الكارثة، أو التخفيف منها. آن لنا بعد مئة عام من ولادة لبنان، أن نبني وطن العدالة والمساواة والرقي، لجميع أبنائه من دون تمييز أو تفريق بين اللبنانيين، الذين يستحقون الحياة والسلام، والازدهار والعيش بكرامة وأمن واستقرار”.

وأردف: “لبنان الوطن، بحاجة إلى عناية مشددة ليتعافى مما هو فيه، وهذا لا يكون إلا بإعادة الثقة، وترجمتها بالإصلاحات الموعودة من الحكومة، التي يطالب بها الشعب اللبناني، والدول الشقيقة والصديقة، المتحمسة لرؤية إصلاحات قولا وفعلا، حتى تفي بوعودها في تقديم المساعدات التي يحتاج إليها لبنان، للخروج من أزماته. إنها أمانة، والأمانة نسأل عنها يوم القيامة، فاللهم اشهد أني قد بلغت.

وتوجّه للمسلمين قائلًا: “في ذكرى مولد الرسول الخاتم، التي يحتفل بها المسلمون من أكثر من ألف عام، نقول ما قاله القرآن الكريم: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، إن النهج الإسلامي والإنساني في التعامل بين الناس، هو التعارف، وهو التعاون على البر والتقوى، وهو البر والقسط. إن الإساءات كثيرة، وآتية من جهات مختلفة، ولا بد من التعامل معها بصراحة وحزم ودون عنف، ويكون علينا أن لا ننسى دائما أن ثلث المسلمين في العالم اليوم، يعيشون في مجتمعات أكثرياتها غير مسلمة، وعلينا أن لا نتسبب بتأثيرات سلبية عليهم. ولا بد من أن ينتهي هذا العنف والعنف المضاد، فالعيش معا في العالم، لا يحتمل هذه الضربات المتبادلة، التي لا يبقى معها سلم ولا عيش مشترك. وهو الأمر الذي ينبغي أن نتنبه له نحن في لبنان، مسلمين ومسيحيين، الذين شاركنا في صناعة العيش المشترك، في هذا العصر، وفي كل العصور”.

ونبّه إلى أن “كل من يمس بالسوء والإهانة الإسلام ورسوله سيد الخلق، فإنه يضع نفسه في مواجهة كل المسلمين في العالم ، لأننا أمة الإسلام نقتدي بنبينا خلقا وسيرة وإيمانا، ولا نفتري على أحد، ولا نرضى في الوقت عينه أن يفتري علينا وعلى ديننا وعلى نبينا أحد، مهما علا شأنه”، وقال: “إن دار الفتوى حريصة كل الحرص على التواصل والتعاون مع المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، داخل لبنان وخارجه، وتبادل الرؤى والأفكار، بما يحقق الأمن والسلام، وتسعى جاهدة لترسيخ قيم التعايش المشترك، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف والإرهاب، الذي لا دين له ولا عرق، وإرساء دعائم ثقافة المواطنة والتنوع”.