كتبت صحيفة “العرب” اللندنية:
أدانت جهات لبنانية مختلفة نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد في مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية، لكن الجميع امتنع عن المطالبة بمقاطعة المنتجات الفرنسية، بما في ذلك حزب الله الذي يتلافى إلى حد الآن إطلاق تصريحات تستفز فرنسا أو تقلل من حظوظه في لعب دور من داخل المبادرة الفرنسية التي وُجدت أساسا لتأهيله في مواجهة الفيتو الأميركي.
ويعتبر أغلب اللبنانيين أن المبادرة الفرنسية بمثابة الفرصة الأخيرة لتجنب انهيار اقتصادي ومالي كامل في البلد.
وترى أوساط لبنانية أن لا أحد يريد مقاطعة البضائع الفرنسية ولا المال الفرنسي في ظل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحادة، وأن الجميع ينظرون إلى مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أنها حبل نجاة، ولأجل ذلك هم غير معنيين بالتصعيد بما في ذلك حزب الله.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن حزب الله سمح لإعلامه وأنصاره بإطلاق تصريحات وشعارات من باب رفع الحرج وامتصاص غضب جمهور تعوّد على الشعارات، وقد يسمح الحزب باحتجاجات خفيفة بعد صلاة الجمعة، لكن في النهاية هو سيضغط لأجل أن تهدأ موجة الاحتجاجات لأنها ضد مصالحه، وخاصة مصلحته المتأتية من المبادرة الفرنسية ومن حكومة جديدة ظاهرها اختصاصيون وباطنها حفاظ الحزب على وزاراته ووزارات حلفائه.
وقالت الكاتبة سمر قاضي، في تصريح لـ”العرب”، “إن حزب الله امتنع عن إدانة السلطات الفرنسية علنا بخصوص الرسوم الكاريكاتيرية، وهذا يدل على أن لبنان لا يستطيع أن يواجه فرنسا التي منحته طريقا للخلاص”.
وجاء استنكار نشر الرسوم من رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبدالأمير قبلان، الذي دعا المرجعيات الإسلامية والمسيحية إلى مواجهة كل ما يضر بمكانة الأنبياء وقدسيتهم.
ودعا إلى “أوسع حملة إدانة على مستوى الدول والشعوب لردع ومعاقبة من تسول له نفسه الإساءة إلى الرموز الدينية ولاسيما النبي محمد”.
ويقول متابعون للشأن اللبناني إن الاحتجاج على الرسوم الكاريكاتيرية لن يعطل مساعي تشكيل الحكومة، بل على العكس قد يساعد هذا الأمر الطارئ جهود رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري خوفا من توتر جديد في الشارع قد يديم الأزمة ويغذي الانتفاضة الاجتماعية ضد الفساد.
ويراهن اللبنانيون على أن عودة الحريري لرئاسة وزراء لبنان ستؤدي إلى رفع الحواجز أمام المساعدات الفرنسية المعلّقة، ومن المرجح أن تُسهم في إرساء الاستقرار الاقتصادي في البلاد، لكنها ستطلق جولة جديدة من الاضطرابات من خلال تعزيز التصورات الشعبية التي لا تتوقع أي إصلاح سياسي من الحريري الذي بات وجها مألوفا ومرتبطا بالأزمات.
ووعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمساعدات مالية للبنان تقدّر بملايين الدولارات، مقابل إصلاحات اقتصادية وسياسية، بما في ذلك إجراء تغييرات على إدارة شركة الكهرباء الفاسدة، وتغيير كيفية تنظيم عمليات الشراء الحكومية، وتحسين الرقابة على الفساد، ووضع خطة لتخفيف الدعم دون إثقال كاهل فقراء لبنان بعبء لا مُوجب له.