IMLebanon

تشكيل الحكومة بين “تأني” بعبدا و”تقدم” بيت الوسط

كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية”:

من “السرعة الإملائية” إلى “التأني” في ملف تشكيل الحكومة، حسب الوصف الوارد في البيان المقتضب الصادر عن رئاسة الجمهورية، في أعقاب اللقاء الرابع بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري أول من أمس، لأن «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة» كما تقول الحكمة.

لكن البيان الرئاسي تحدث في الوقت ذاته عن «تحقيق تقدم» في ملف تشكيل الحكومة، وكان القصد من العبارة الثانية «تغطية حسنة هذه لشر تلك»، وهناك تفسير آخر لكلمة «التأني» التي تعني الفرملة، أو إبطاء الحركة، بانتظار أمر ما، وقد اختصر البعض مضمون البيان إياه بإدراجه في خانة الرد على توقع الرئيس نبيه بري ولادة الحكومة «خلال 4 أو 5 أيام» كما قال في لقاء مع طلاب من الجامعة اليسوعية.

ولاحقا، صدر بيان عن المكتب الإعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري يقول «ان الأجواء الوحيدة والحقيقية التي يعكسها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، هي أجواء التقدم في عملية تشكيل الحكومة في ظل مناخات من التفاهم والإيجابية». ونفى البيان التسريبات التي تحدثت عن توزيع وزارات واسماء وزراء.

وتقول المصادر المطلعة لـ «الأنباء» ان حقيقة ما يجري هي ان حزب الله ربط مسار تشكيل الحكومة بمفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل، وان ترسيم الحدود هو الذي يتحكم بتشكيل الحكومة وليس العكس، وكلا المسارين ليسا متحررين من استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 نوفمبر المقبل، ما يوحي وكأن الرئيس بري بنى تقديره الزمني لتشكيل الحكومة (4 او 5 أيام) على توقيت الانتخابات الأميركية، نافيا في الوقت ذاته ما يقال عن كون الترسيم مدخلا للتطبيع مع اسرائيل.

ويأتي هذا النفي في أعقاب تقارير اعلامية وعبر مواقع التواصل تشير الى مفاوضات اسرائيلية اقليمية، حول ما يدور في لبنان. وتتحدث هذه المعلومات عن أجواء وتحضيرات تغييرية لبنانية تتجاوز الحكومة.

في المقابل، رأت قناة «المنار» ان التأخر في تشكيل الحكومة عائد الى ان الرئيس عون يريد المداورة في الوزارات مع احتفاظه بالوزارات الأمنية (الدفاع والداخلية والعدل).

ولم يسجل حراك على مستوى تشكيل الحكومة، انما زار الرئيس المكلف سعد الحريري دار الفتوى معايدا مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

وقبل أن يستكمل «التدقيق الوزاري» مهامه، خيب «التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان ووزارة المال آمال المراهنين عليه، حيث اعلنت شركة «الفاريز آند مارسيل» المكلفة بالتدقيق أنها لم تتلق كل المعلومات التي طلبتها من مصرف لبنان المركزي لإجراء التدقيق في حساباته لاعتبارات تتعلق بقانون النقد والتسليف والسرية المصرفية اللذين يحظران على المصرف المركزي كشف حساباته وحسابات المصارف المتعاملة معه، ولاحظت الشركة ان من عقد الاتفاق معها كان يعرف هذه النتيجة، ومع ذلك اقام الاحتفال بإنجاز مسرى التدقيق الجنائي، وهو يدرك أن التدقيق سيعطله قانون النقد والتسليف وقانون السرية المصرفية الذي كان يتعين تعديلهما في مجلس النواب بما يسمح للمدققين بالدخول إلى «مغارة» البنك المركزي ووزارة المال وأخواتها من وزارات الهدر والقرصنة المسؤولة عن المائة مليار دولار دين عام، مع دولار اميركي، قفز من 1515 ليرة في 17 اكتوبر 2019 إلى 9 آلاف في 17 اكتوبر 2020، وسط فلتان في الأسعار واقفال مؤسسات وتفاقم البطالة وعجز القطاع الصحي عن مواجهة فيروس كورونا وتعاظم الهجرة وانهيار هيبة السلطة بمصداقيتها أمام أنظار المجتمع الدولي وصندوق النقد، والدول المانحة، فضلا عن اللبنانيين الذين دمر انفجار المرفأ المجهل الأسباب ـ حتى الآن ـ نصف الاحياء الشرقية من عاصمته في أوسع كارثة مدمرة يشهدها في تاريخه، ما جعل إمكانية المتابعة مع هذه الأوضاع في شبه استحالة.

واللافت ان التواطؤ على مسألة التدقيق الجنائي تتحمله السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتقول قناة «الجديد» ان رئيس لجنة المال والموازنة في مجلس النواب النائب ابراهيم كنعان نأى بنفسه وبلجنته عما حدث، مطالبا بمحاسبة جيش المستشارين ممن لم يقرأوا القانون، بينما هو رئيس اللجنة النيابية التي عليها التدقيق بكل شاردة مالية واردة! وكيف ترك رئيس الجمهورية محتفلا بإنجاز تلزيم عملية التدقيق الجنائي، وهو ما كان عليه ادراك بأن التدقيق متعذر، قبل تعديل القوانين المانعة؟!