منذ احتدام الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية معطوفة على الأزمة الصحية العالمية، بدأت علامات تجارية عالمية بالانسحاب من الأسواق اللبنانية، وآخرها الضجة التي أثارها إغلاق شركة الشايع لعدد كبير من المحلات التابعة لها. لكن رغم سوداوية المشهد، هل ينعكس هذا الواقع إيجاباً على الصناعة المحلية، خصوصاً وأن نسب الاستيراد تراجعت أيضاً؟
النائب الأوّل لرئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش أكّد لـ “المركزية”، أن “هذا الواقع المستجّد لا يفيد الصناعة المحليّة لا بل ينعكس عيلها سلباً. جمعية الصناعيين تؤيّد العولمة وفتح فروع لكلّ العلامات التجارية العالمية في الأسواق المحلية، واستنكرنا قرارات الإقفال اخّيراً، من دون أن ننسى أن منذ سنوات ليست ببعيدة أغلقت مصانع عالمية فروعها في لبنان وانتقلت إلى الخليج ومصر، بالتالي الإقدام على قرارات مشابهة يضرّ بالاقتصاد المحلي بشكل عام”.
ولفت إلى أن “العديد من الشركات اللبنانية أقفلت أيضاً إلى جانب الأجنبية وأوقفت نشاطها واستثمارها، وذلك نتيجة ثلاثة أسباب متداخلة: وباء “كورونا”، الأزمة الاقتصادية، تعثّر المصارف منذ صيف 2019 مع توقيف التسهيلات والتحويلات لكلّ المؤسسات الصناعية والتجارية”.
وأوضح أن “لبنان بلد صناعي تحويلي في ظلّ عدم توافر المواد الأولية المحلية، وهذا أمر لا يعدّ خاطئاً ولا يشكلّ عائقاً، بل المشكلة في استيراد هذه المواد. وهذه السنة معظم المصانع استوردت 50% من حاجتها بسبب الفيروس مقارنةً مع العام 2019، وتمكنا من الحصول على المواد الأولية بعد تأمين الـ fresh money، لكن لم نر بعد أي محاولة جدية لتأمين السيولة للقطاع الصناعي على غرار ما حصل مع القطاعات التجارية، لا سيّما الاستهلاكية، عبر تأمين الدولار المدعوم بسعر صرف 3900 ليرة”. وأشار إلى أن “العام المقبل سنصل إلى مشكلة كبيرة، لذلك تعمل الجميعة على أكثر من خطّ تفادياً للأسوأ. إلى ذلك، عملنا على شركة تمويل تجمع الصناعيين والبلدان المانحة الأوروبية ومصرف لبنان ليتمكن الصناعي من تأمين 85% من قيمة استيراده عن طريق شركة موجودة في أوروبا إلا أن القطار لم يوضع هنا أيضاً على السكة الصحيحة بعد”.
من هنا، ذكّر بكداش بـ”مطلب الجمعية الدائم حول تشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على معالجة المشاكل الاقتصادية”.
أما بالنسبة إلى القدرة على الاستمرارية وسط الظروف الراهنة، فأشار إلى أن “ما من إقفال لمصانع، لكن استراتيجية تخفيف عدد اليد العاملة تعتمد، في حين أن الصناعيين لطالما سعوا إلى زيادة الاستثمارات، وأرقام استيراد المعدّات كانت ترتفع سنوياً لتوظيف المزيد من العمال كون همّنا تخفيف نسب البطالة وهجرة الشباب، لكن للأسف اليوم لا يمكن توسيع الاستثمار ولا الاستمرار مع عدد العمال نفسه في ظلّ نسب المبيعات الراهنة، حيث أن نسبة العمل في معظم المصانع بلغت 50% باستثناء المواد الغذائية والتنظيفية، ونحاول قدر المستطاع توسعة فاتورة التصدير، إلا أن لا تحّسن في السياق لأن الاستهلاك العالمي انخفض بسبب “كورونا”.
وختم بكداش لافتاً إلى أن “بعدما كان عدد كبير من المواطنين يقوم بمشترياته على قاعدة “الفرنجي برنجي” اضطر معظم اللبنانيين الى شراء البضائع المنتجة محلياً وتبين لهم جودة الصناعة المحلية وانطباق المواصفات العالمية عليها، وهذا ما سيمنحها الثقة ليتمكن القطاع من زيادة نسب التصدير بعد توسعة حجم السوق المحلي. مع العلم أن منتج محلي يشتريه المواطن تبقى 50 إلى 90 في المئة من قيمته في لبنان أما البضائع المستوردة فيعاد 80% من قيمتها إلى الخارج”.