كتب أنطوان الأسمر في “اللواء”:
يكاد سباق الوقت الذي يخوضه الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل حكومته، أن يصل خط النهاية السعيدة. فكل المعطيات المتوافرة تؤشر الى أن الولادة الحكومية باتت مسألة وقت ليس ببعيد. حتى أن البعض يبدي اعتقادا بأن نهاية الاسبوع هذه لن تمر من دون إعلان الوليد الجديد من قصر بعبدا. لكن كل ذلك يبقى رهن التوافق على التخريجة الحكومية النهائية، مع توافر إجماع على أهمية الإفادة من الزخم الحاصل منذ التكليف والحفاظ عليه، من أجل ولادة صحيحة لحكومة قوية وفاعلة.
الإيجابية الطاغية مردها جملة عوامل، منها:
1- رغبة لبنانية في إنجاز المسألة الحكومية قبل الثلاثاء المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، تجنّبا لأي متغيرات قد تحصل في ضوء نتائجها، وقد تضفي، لبنانيا، تعقيدات غير منتظرة ولا مرغوب فيها. وهذه الرغبة تعود الى جملة عناصر باتت في حوزة المسؤولين اللبنانيين.
2- فسحة أميركية واضحة المعالم لترتيب الوضع الحكومي اللبناني، إنما ليس بأي ثمن. إذ بات معروفا أن دوائر أميركية معنية بالشأن اللبناني كانت واضحة لإبلاغ من راجعها من مسؤولين لبنانيين بأنها لا تمانع حكومة برئاسة الحريري، لا بل ثمة إستعداد للتسهيل شرط إحترام الثوابت المعروفة، في مقدمها رفض أي مشاركة لـ«حزب الله». ورفض المشاركة، في هذا السياق، يتساوى سواء أتت تلك المشاركة مباشرة أو عبر شخصيات صديقة للحزب.
حكومة بمعايير دولية بداية فك الحصار، ولكن لا هروب من الإصلاحات
3- سعي فرنسي – دولي دؤوب لكي يلاقي لبنان بحكومته الجديدة مؤتمر الدعم الموعود الذي حددت باريس تشرين الثاني موعدا له، على أن تكون باكورة الإطلالة الدولية للحكومة من باريس، وهي في حد ذاتها رسالة إيجابية تقطع مع الحصار الدولي الراهن الذي يزيد الأزمة اللبنانية إختناقا، ويزيد اللبنانيين خشية مما ينتظرهم.
4- حضّ عربي (مصري على وجه التحديد) على الإسراع في التشكيل، تمهيدا للإنصراف الى المعالجات المتشعبة للأزمة المالية والإقتصادية، سعيا الى تفادي الأسوأ الآتي في حال لم تقر سريعا الخطة الإنقاذية ويبدا تنفيذها بمراحلها المقررة.
لكن لا يسقط من البال أن تأخرا طفيفا جدا في موعد ولادة الحكومة، ربما هو التأني الذي تحدث عنه بيان بعبدا إثر اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، يبقى تأخرا محمودا، خصوصا في ضوء ما بدا من رغبة في الإتيان بحكومة بحظى بعمود فقري صلب وتوحي بالثقة المطلوبة داخليا ودوليا. كما أن إستجلاب أسماء من الوزن الثقيل، على رأس وزارات تُعتبر مفصلية في إنجاح خطة الإنقاذ. ولا شك أن التفاهم مع شخصيات من هذا الوزن يستلزم، هو الآخر، التأني، ويستغرق بعض الوقت، هو حاجة لهؤلاء لترتيب أمورهم المهنية والعائلية.
ويقول ديبلوماسي عامل في بيروت إن المعطيات المتوافرة توحي جديا بأن التأليف سيكون ربما الأسرع في العقدين الأخيرين، نظرا الى الدينامية التي تحيط بالمساعي الحاصلة، وهي دينامية بوجهين محلي ودولي، يتكافلان سويا من أجل إنضاج المسعى القائم.
ويبدي الديبلوماسي تفاؤلا واضحا، مثنيا في الوقت عينه على روح المسؤولية التي تكلل النقاشات الحكومية، وهو الاداء الذي طالما شددت على أهميته وحتميته مجموعة أصدقاء لبنان، لأن الدولة على وشك التحلل، وهو ما إنفكت الإدارة الفرنسية تحذر منه وتنبّه الى مخاطره، كما أن العناصر الدولتية الفقرية تتهاوى تباعا. وتكمن الخطورة في أن تلاشيها كليا يجعل أي معالجات فاقدة الفاعلية.
ويبدي اعتقاده بأن تشكيل الحكومة وفق المعايير التي تريح المجتمع الدولي، سيشكل بداية لفك الحصار الدولي على لبنان، لكن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال تراخي المسؤولين في تنفيذ الالتزامات الإصلاحية، لأنها تبقى الباب الوحيد لأي مساعدات دولية عاجلة، سيحمل باكورتها مؤتمر باريس المنوي إنعقاده في النصف الأول من تشرين الثاني، علما ان التوقيت يبقى رهنا بتشكيل الحكومة.