تقاسَم المشهدُ السلبي المستجدّ في وضوحه إشارات معلَنة إلى خروج جمر الخلاف بين الحريري وفريق عون، أي «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل، إلى فوق رماد التأليف، في موازاة تحرّيات عن خلفيات هذه «الفرْملة» في أبعادها الداخلية والخارجية.
وعلى «جبهة» الهبّة الساخنة حكومياً أمكن رصْد الآتي:
* ملامح تبادُل «كرة» الاتهامات بالمسؤولية عن تجميد التشكيل، تارة عبر تظهير أنها على خلفية «عقدة درزية» تتمثل في رغبة فريق عون بتوسيع حجم الحكومة لتتألف أقله من 20 وليس 18 بما يتيح توزير مَن يمثّل النائب طلال أرسلان على قاعدة عدم حصْر الميثاقية الدرزية برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وطوراً من خلال الكلام عن عقدٍ ذات صلة بتوزيع الحقائب الخدماتية على القوى السياسية لتسمّي لها اختصاصيين، أو عن عدم حسْم مسألة تقاسُم الحقائب السيادية ومحاولة ربْط تدويرها والتسليم باستثناء المالية منها (تبقى للمكوّن الشيعي) بالتفاهم على حقائب أساسية مثل الطاقة (يُمْسك بها فريق عون منذ أكثر من عقد).
* بروز الثلث المعطّل كـ «فتيل» تعطيلي، وسط تسريباتٍ عن أن فريق عون يريد الإمساك بهذا الثلث لوحده من خلال الحصة المسيحية، وأن «حزب الله» بدوره يفضّل تركيبة تسمح له بالحصول على هذا الثلث مع حلفاء آخَرين، علماً أن الحليفيْن (حزب الله وفريق عون) يتمتعان في تشكيلة من 18 أو 20 بما يفوق غالبية الثلثين في ظل عدم إمكان نيل الحريري وجنبلاط أكثر من 5 وزراء «مباشرين» لا يشكّلون حتى ثلثاً. علماً أن الرئيس المكلف يحاول في مفاوضاته مع عون حصْر عملية التوزيع بالمناصفة الطائفية بعيداً من أي إسقاطاتٍ سياسية لها تنطوي على محاصصة فاقعة ستجعل الحكومةَ تولد ميتة دولياً.
* خروج «التيار الحر» علناً إلى دائرة المساجلة مع الحريري على وقع تقارير عن دخول باسيل على خط التأليف، أولاً عبر بيان للهيئة السياسية في «التيار الحر» غمز من قناة رفْض حكومة من 18 يفضّلها الحريري، إذ ذكّر بـ «ضرورة وجود وزير متخصص على رأس كل وزارة»، قبل أن يبلور هذا المنحى أكثر أنطوان قسطنطين (مستشار باسيل) معلناً «موقفنا بعد الخبرة أنه لا يمكن أن يحمل وزيرٌ حقيبتين وينجح بهما ونحن وضعنا معايير واضحة و(على اللبيب أن يفهم)».
* الموقف التصعيدي من القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش، الذي هاجم باسيل في تغريدةٍ قال فيها: «يبدو أن ولي العهد متخصص بتيئيس الناس بعد كل بارقة أمل أصر على توسيع رقعة التزوير ليحافظ على قدرة التعطيل ويعطل تأليف الحكومة ليكون لكل وزارة غير فاعلة وزير يتحكم بها للتعطيل، فإن كان رئيس الجمهورية يريد أن يدمّر ما بقي من عهده على رؤوس الناس فعليه أن يتحمل المسؤولية أو يردع صهره».