طالعنا كل يوم فضيحة جديدة من فضائح السلطة، تفوح منها رائحة الفساد والاهمال والتقاعس عن أداء الواجبات، وآخرها ملف الحواسيب في وزارة التربية، وهي عبارة عن نحو 8000 حاسوب هبة مقدمة من “اليونيسف” والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، منذ نحو سنتين للمدارس الرسمية، لكن الوزارة لم تتسلمها، وبرّر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال طارق المجذوب الذي جال على المستودعات حيث توجد او كان يجب ان توجد هذه الحواسيب، ان لا علم له بها، وانه تحرّك فور تبلغه الامر، علما ان الوثائق تؤكد ان المراسلات حصلت منذ شهر شباط الماضي.
وتعود قضية الحواسيب الى العام 2018 عندما اشترت شركتان للتكنولوجيا هما “مِدوِر داتا سيستم” و”تكنومينيا” بعد ربحهما المناقصة، 8110 حواسيب لمصلحة وزارة التربية بمبلغ يصل الى 8 ملايين دولار. لم تستلم الوزارة المعدات لعدم توفر مستودع في الوزارة، وبقيت في مستودعات الشركات لأن الوزارة لم تجهز نسخ “ميكروسوفت أوفيس” لكل منها لعدم توفر الاموال اللازمة. وبقيت المعدات في المخازن الى ان طالبت احدى الشركتين الوزارة بضرورة تسلمها، فتبين عند التسليم ان إحداهما كانت تخزن الكمية في مستودعاتها على المرفأ واحترقت جراء انفجار 4 آب ولم يتبق منها الا 65 حاسوباً.
وبعد الجولة التي قام بها الوزير والكشف على المستودعات، تبين ان الكمية في مستودع الضبية العائد لشركة “مِدوِر داتا سنتر” كاملة وهي عبارة عن 5710 حواسيب.
أما في سن الفيل وفي المستودع العائد لشركة “تكنومينيا”، كان يجب ان يكون هناك 2400 حاسوب لم يجدوا منها الا 65، وقال صاحب الشركة ان 2335 تلفت في المستودعات التي كانت مستأجرة من شركة “اكستريم لوجستيك” على المرفأ جراء انفجار 4 آب. الا ان مصادر مطلعة كشفت لـ”المركزية” “ان منظمة UNHCR استملت هذه البضاعة في مخازن “ارامكس” فكيف لها ان تعود مجددا الى المرفأ؟”
مصادر تربوية أكدت لـ”المركزية” أن “الوزير يتابع الملف وقد طلب الوثائق اللازمة والمراسلات بين الشركتين ووزارة التربية وبأي تواريخ تمت ومدة عقد بوليصة التأمين وهل انتهت ام بعد، ولماذا بقيت في مستودعات الشركة ولم تتسلمها الوزارة، وأين هي الحواسيب التي تحطمت او احترقت او تضررت في مستودعات “لوجيستيك” المخزنة في المرفأ وسيقوم بالتحقيق في الموضوع لتحديد المسؤوليات. تساؤلات تحتاج الى اجوبة، وننتظر ما سيقوله الوزير في هذا الخصوص”، مشيرة الى أن “الكمبيوترات الـ8000 دفع ثمنها بتمويل دولي، جزء الـUNHCR وجزء اليونيسف. لكن الدولة لم تكن تملك ثمن شراء اجازة المايكروسوفت، حتى قامت منذ فترة قصيرة اليونيسف وتكفلت بدفع ثمنها”.
ولفتت المصادر الى ان “المشكلة تعود الى نحو سنتين في عهد الوزير السابق مروان حمادة عندما توقف عقد الاجازة مع مايكروسوفت، والذي كان يشمل ايضاً كمبيوترات الوزارة وكل اجهزة الكمبيوتر الموجودة في المدارس والثانويات الرسمية والمناطق التربوية التابعة للوزارة. حصل اشكال انذاك مع مايكروسوفت، وقد تكون الاسباب مادية. بمعنى آخر، احضرت هذه “اللابتوبات” ولكن لا ينفع ارسالها الى المدارس من دون اجازة تشغيل، وبقيت في المستودع. كان على الوزارة ان تتسلمها، لكن الاخيرة كانت تتنظر الحصول على الاجازة”.
وأوضحت المصادر ان “التأخير أدى الى أمور أخرى ايضاً، ففي الوقت نفسه يتم دفع ايجار بالآلاف الدولارات لهذه المستودعات فهي ليست محفوظة هناك مجانا، إذ لا يمكن اشغال المستودع الى ما لا نهاية من دون دفع. كما ان عمر البطارية يتلف مع مرور السنوات من دون استخدام، ويجب استبدالها. هناك تقصير واهمال ولا اعرف من يتحمل المسؤولية”.
في المقابل، أشارت المصادر الى أن “الحواسيب التي في مستودع الضبية، تم فض العروض التي ستنفذ الاجازة، وسيتم ربط اللابتوبات بشيفرة (كود) وتنزيل برامج مايكروسوفت عليها حتى تصبح جاهزة للاستعمال، ومن ثم يصار الى توزيعها على الصفوف في المدارس الرسمية”. وأكدت المصادر ان الصفوف تم تجهيزها سابقا بـLCD projector وكل التجهيزات الاخرى اللازمة ولم يبق الا ربطها باجهزة الكمبيوتر كي تصبح جاهزة للتعليم عن بعد، فيمكن للطلاب المتواجدين حضورياً في الصف متابعة الحصة وفي الوقت نفسه يمكن للتلامذة في بيوتهم حيث المناطق مقفلة او لأسباب اخرى، متابعة الحصة من منازلهم.
وعلمت “المركزية” من مصادر مطلعة ان بعد تكفل “اليونيسف” بتسديد سعر اجازة مايكروسوفت، ستقوم شركة “الترا تكنولوجي” التي ربحت عقد التوزيع والتركيب بإنجاز هذا المشروع بأسرع وقت ممكن وتسليم الحواسيب الى المدارس.