تبددت المناخات التفاؤلية التي أعقبت تكليف الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة اللبنانية، وتراجع الحديث عن مهلة أيام لولادة الحكومة بفعل العراقيل التي اصطدم بها الرئيس المكلف التي تهدد الملف بالانزلاق الى أزمة مفتوحة في حال لم يتم التوصل الى حلحلة لهذه العقد في الساعات الـ48 المقبلة.
وفي السياق، أكد نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي أن الحكومة هي «أمر واقع لا محالة وإن لم تكن اليوم فستكون غداً أو بعده»، موضحاً أن الساعات القليلة المقبلة قد تكون حاسمة ومفصلية.
وفور بروز العرقلة، اتّجهت الأنظار إلى رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل، وهو ما دفع رئاسة الجمهورية الى اصدار بيان نفت فيه تدخل طرف ثالث على خطّ التأليف. مؤكدة أن «التشاور يتم حصرا ووفقا للدستور، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري، ولا طرف ثالثاً، لا سيما النائب باسيل».
العقدة الأساسية بحسب المصادر المتنوعة تكمن في مطلب توسعة الحكومة من 18 الى 20 وزيرا، ما يسمح بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي بحيث يمتلك رئيس الجمهورية وفريقه الثلث المعطل. خصوصاً أن هناك من يعتقد أن هذه الحكومة ستكون حكومة العهد الأخيرة التي ستتولى الإشراف على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتتحدث المصادر عن عقدة أخرى تمثلت بتمسك باسيل بوزارة الطاقة وإصراره على أن يتولاها أحد مستشاريه، وهو ما يصطدم برغبة الحريري في توزير شخصية مستقلة نظراً لأهمية ملف الكهرباء في البرنامج الإصلاحي.
من جانبها، تشير أوساط تيار المستقبل أن أكثر من عقدة ما زالت موجودة منها عدد الوزراء وتوزيع الحقائب الخدماتية. ولا تخفي دخول باسيل على الخط العرقلة. وأشارت الوساط عينها أن الحريري لم يبادر إلى زيارة عون نهاية الأسبوع ولم يجرِ اتصالات مع الكتل النيابية ما يعني أنه ليس هناك أي تواصل جدي وحقيقي في موضوع الحكومة على عكس ما أوحى به بيان رئاسة الجمهورية.
وألمحت إلى أن أحد الخيارات المطروحة أمام الحريري هي تقديم تشكيلة من 18 وزيراً إلى رئيس الجمهورية خلال زيارته بعبدا الأربعاء إذا لم يحصل تدخل من طرف ما لإعادة تفعيل التواصل. وعما إذا كان اعتذار الحريري وارداً في حال استمر التعثُّر، قالت مصادر المستقبل: «قد يكون الاعتذار أحد الخيارات علما بأننا غير متحمسين لهذا الأمر».
وحول مدى تأثير تغيير الإدارة الأميركية في الوضع اللبناني المأزوم سياسياً واقتصادياً، يقول أمين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن لـ القبس إن البعض يحاول ربط الملف الحكومي بنتائج الانتخابات الاميركية علما بأن المنطق الوطني يمنع هذا الربط اطلاقاً، خصوصاً لمن يعتبر لبنان أهم من كل حسابات أخرى اقليمية أو دولية. ويتابع: اما في ما يخص تأثير نتائج الانتخابات في الملف اللبناني فهذا رهان فاشل؛ لأن الخطوط العريضة العامة تبقى نفسها بالنسبة لكل الإدارات.
قد يتغير الأسلوب وطريقة التعاطي، أما المسار الأساسي الاستراتيجي فهو ثابت. ويعتبر أبو الحسن أن البعض يتذرع بهذا الأمر لتحسين شروطه الداخلية على أمل ان تسهل له النتائج الأميركية خياراته.
ولكن لا أعتقد أن هذا الأمر سيحمل تغييراً على الوضع اللبناني. فحتى الديموقراطيين سينتهجون سياسة العقوبات إلى أن تنفرج إقليمياً، وتحديداً في الملف الإيراني ــ الأميركي.
ويذكر ابو الحسن بأن ترامب سبق أن أعلن أنه سيوقع اتفاقاً مع ايران بعد الانتخابات. وبايدن سيعود إلى الاتفاق الذي كان ساريا في عهد أوباما. في المحصلة، في كلتا الحالتين ستكون هناك تسوية.. فلماذا المراهنة لبنانيا؟.