كتب انطوان غطاس صعب في “اللواء”:
بدأت المؤشرات في الساعات الماضية تتجه نحو الجمود، وسط معلومات عن اتصالات فرنسية مستمرة مع بعض الأطراف والقوى السياسية لدفعها إلى تسهيل مهام الرئيس المكلف وأن تكون الحكومة العتيدة في وقت قريب دون الدخول في الشكليات، أكان على صعيد الطوائف والمذاهب والأحزاب والمداورة، بل انتقاء وزراء من أصحاب الكفاءة ولو كانوا تابعين للأحزاب والقوى السياسية ومقربين إليها، بخلاف ما كان وُضع من فيتوات حول هذه المسألة، إلا أن ظروف البلد وحاجته الملحة إلى حكومة إصلاحية إنقاذية حتمت على الجميع القيام بتسهيلات، وبالتالي باتت الأمور في مرحلة الغربلة على أن تكون الولادة في وقت قريب وفق الأجواء التي ينقلها المتابعون لعملية التشكيل، ولكن تبقى كل الاحتمالات واردة إذا برزت عقدة هنا وهناك أو استجدت أوضاع إقليمية ودولية تحول دون التأليف، في حين علم أن موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عبر توجيه كلامه إلى الرئيس المكلف سعد الحريري لا يحمل وفق الدائرة الضيقة المقربة من بكركي وبيت الوسط أي ضغينة أو انتقادات للحريري، بل جاءت في سياق التمنيات كي لا يكون هناك أي تجاهل أو غبن يلحق بالمسيحيين وأن يعود البلد إلى مرحلة الاصطفافات السياسية السابقة والتحالفات الثنائية والثلاثية والتي جاءت بمعظمها بعد الطائف على حساب المسيحيين، في وقت أن بعض المقربين إلى مرجع حكومي سابق يؤكدون أن رئيس الجمهورية سيحصل على حصة وازنة له وللتيار الوطني الحر على غرار ما حصل في الحكومات السابقة، وبالتالي ليس هناك من غبن تجاه المسيحيين والحكومة ستكون مناصفة وكل الأطراف والقوى السياسية سينالون حصصهم، إنما البطريرك تخوف من أحلاف جديدة قد تستغل التشرذم أو الاصطفافات على الساحة المسيحية وغياب مكونات سياسية وحزبية كثيرة عن المشاركة في الحكومة ومن تلقاء نفسها، وعندئذٍ قد تؤدي هذه المقاطعة إلى وضع يُضعف المسيحيين، وهذا ما حاول البطريرك الراعي التنبيه منه أمام الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد والمنطقة، وبالتالي لن يكون هناك أي خلافات وتباينات أكان بين بكركي والحريري أو على صعيد العلاقات المسيحية – الإسلامية.
من هذا المنطلق، فإن الأسبوع الحالي سيتسم بالأهمية على أكثر من صعيد حكومي وسياسي، بمعنى أنه يُتوقع أن تتبلور صيغة التشكيلة الحكومية في حال لم تحصل أي تطورات ومستجدات وخلافات، بعدما رسم وفق المعلومات المؤكدة لقاء بعبدا أمس الأول بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري صورة التشكيلة العتيدة للحكومة على صعيد توزيع المقاعد على الطوائف، ومن الطبيعي أن الأمور بحاجة بعد إلى الكثير من اللقاءات والمشاورات، ويُنقل أن هناك اتفاقاً بات في لمساته الأخيرة على صعيد حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، بينما حصص حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل باتت محسومة حتى على صعيد الأسماء، وهذا ما سيكون له أثره الإيجابي في الإسراع لإعلان مراسيم التشكيل نظراً إلى الضرورات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية بعدما بات الجميع محشوراً وكل بحاجة إلى إنقاذ الوضع من هذه الأزمات التي يتخبط بها البلد.