كتب عمر البردان في “اللواء”:
مع عودة الفريق نفسه الذي يجيد اختلاق العراقيل والعقبات المصطنعة أمام الجهود التي يبذلها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، إلى استخدام الأسلوب نفسه بعدما كانت الرئاسة الأولى أشاعت أجواء إيجابية عن مسار عملية التأليف، بدا واضحاً أن هذا الفريق عاد وتراجع عن كل ما وعد الرئيس المكلف به، لناحية تقديم التسهيلات لتسريع الولادة، خاصة وأن رئيس الجمهورية كما تشير المعلومات سبق ووافق على حكومة من 18 وزيراً يكون فيها ممثل واحد للطائفة الدرزية من حصة النائب السابق وليد جنبلاط، إلى اعتماد المداورة في الحقائب الأساسية باستثناء «المالية» التي بقيت في عهدة حركة أمل. وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة عن أسباب هذا الانقلاب إذا صح التعبير، على كل ما تم التفاهم عليه، ولماذا العودة إلى الشروط والشروط المضادة التي تكبل الرئيس المكلف وتجعله عاجزاً عن إنجاز مهمته؟
في الإجابة عن هذه الأسئلة، لا ترى أوساط سياسية معارضة، كما تقول لـ«اللواء»، إلا مزيداً من الإمعان من جانب فريق العهد و«حزب الله» في ضرب المؤسسات وشل البلد، من خلال محاصرة الرئيس الحريري بشروطها التي لم تتخل عنها منذ 2005، سعياً من أجل وضع اليد على البلد وتطويع المؤسسات لمصلحتها. وهذا ما يتبدى جلياً بتراجع هذا الفريق عن كل تعهداته للرئيس المكلف الذي كان يتوقع ولادة حكومته قبل موعد الانتخابات الاميركية، مشيرة إلى أن قوى الثامن من آذار استجابت لرغبة إيرانية واضحة بتأخير تأليف الحكومة، بانتظار نتيجة هذه الانتخابات، باعتبار أن الإيرانيين كانوا ولا يزالون يستخدمون لبنان ورقة مساومة في مفاوضاتهم مع الأميركيين والأوروبيين. وعلى هذا الأساس فإن المؤشرات توحي بأن لا حكومة في المدى المنظور، طالما أن هناك من وضع مصلحة إيران أمام مصلحة لبنان المعدم الغارق في مشكلاته وما أكثرها.
وفيما يتوقع عقد لقاء غداً بين الرئيسين عون والحريري، للبحث في مستجدات الوضع الحكومي بعد انحسار موجة التفاؤل التي سادت أكدت الأوساط أن «حزب الله» الذي يمسك بمفتاح تأليف الحكومة، ليس مستعداً لتسهيل الولادة إذا لم يأخذ التزاماً من الرئيس المكلف بالاستجابة لمطالبه، لناحية توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً أو أكثر، وهو المطلب الذي عاد وتبناه رئيس الجمهورية، بعدما كان صرف النظر عنه. كذلك التعهد بتوزير ممثل للنائب طلال إرسلان الذي لم يسم الرئيس الحريري ولم يشارك في استشارات التكليف والتأليف، لعدم حصر الحصة الدرزية بممثل وحيد للنائب السابق وليد جنبلاط. وهذا إن دل على شيء برأي الأوساط، فإنما يدل على سعي «حزب الله» للاستئثار بالثلث المعطل الذي يتسلح به لفرض سيطرته على القرار الحكومي.
وتستبعد الأوساط حدوث خرق جدي في الجدار الحكومي، ما لم يبادر رئيس الجمهورية إلى التعاطي بمرونة مع الأفكار التي سبق وتقدم بها الرئيس المكلف بشأن التوليفة الحكومية، وبما يضمن تجنب المزيد من المطبات التي تعترض مهمة الرئيس الحريري الذي لا يبدو أنه في وارد إعلان أي موقف سلبي قد يفسر على أنه خطوة باتجاه الاعتذار، لا بل على العكس من ذلك، دون استبعاد أن يبادر الرئيس المكلف إلى تقديم تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية في اللقاء المزمع عقده بينهما، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، بعد هذا الانقلاب الذي أطاح بكل التفاهمات التي حصلت بشأن التشكيلة العتيدة، والتي كان مقرراً إصدارها آخر الأسبوع الماضي.
وقد عكست أجواء الساعات المنصرمة ميلاً إلى التشاؤم، بعد بروز العديد من العقبات في ما يتصل بتوزيع الحقائب، وعودة أطراف معنية بالتأليف إلى وضع «فيتوات» في ما خَص توزيع الحقائب على القوى التي يفترض مشاركتها بالحكومة، وليس أدل على ذلك أن النائب باسيل مدعوماً من الرئيس عون، ليس في وارد القبول بإعطاء رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية حقيبتين، إحداها «الدفاع»، في مقابل الإصرار على أن تكون وزارة الطاقة من نصيب «التيار الوطني الحر» طالما أن وزارة المالية بقيت مع «أمل»، ما يطيح بما تم التوافق عليه حيال المداورة، وهذا ما أثار استياء شديداً لدى الرئيس المكلف الذي يصر على الالتزام بكل النقاط التي جرى تفاهم بشأنها.