لم تعد طرابلس وحيدة في مواجهة الفيروس بأيدٍ خاوية، بعدما انضمّت إليها مدينة بعلبك التي فاقت أعداد الإصابات فيها المسموح به نسبة إلى عدد سكانها. الأزمة في بعلبك، كما في طرابلس سابقاً، أن المدينة دخلت فعلياً مرحلة الخطر ليس فقط بسبب ارتفاع عدّاد إصاباتها، وإنما أيضاً بسبب «فقدان» أسرّة العناية الفائقة الضئيلة أصلاً في مستشفيات المنطقة.
مشكلة بعلبك أنها باتت في دوّامة الخطر، وهذا ليس حكراً عليها، إذ ثمّة مدن وبلدات سبقتها إلى ذلك كطرابلس والهرمل وصيدا، وأخرى ستظهر عوارضها تباعاً. وهذا ما يؤشر إليه عدّاد الإصابات الذي يزداد يوماً بعد آخر، والذي سجّل أمس 1512 إصابة و15 ضحية و273 حالة في العناية المركزة.
بهذه الأرقام، تسير البلاد بخطى سريعة نحو «رقم المئة ألف الذي بات على الأبواب»، على ما يقول الدكتور عبد الرحمن البزري، عضو اللجنة الوطنية للأمراض الجرثومية، داعياً الدولة إلى «القيام بما يلزم سريعاً من أجل استيعاب هذا الوباء وتداعياته الخطيرة صحياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً». وانتقد البزري التخبّط التي تعيشه السلطات المعنية، وهذا يبدو جلياً في «التردد وعدم التنسيق، إضافة إلى عدم التفاعل الإيجابي من قبل مختلف العناصر والقيادات السياسية والمدنية والروحية، ما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة تضرّ بصحة الناس وتزيد من حدّة تراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية». من هنا، كانت دعوته إلى «ضرورة عقد مؤتمر وطني يشارك فيه الجميع، بعيداً عن تناقضاتهم وخلافاتهم، من أجل وضع سياسة صحية شاملة ومتكاملة تواكب تطور هذا المرض الخطير»
وليس بعيداً عن كلام البزري، اتهم رئيس «الهيئة الوطنية الصحية ــــ الصحة حقّ وكرامة» الدكتور إسماعيل سكرية حكومة تصريف الأعمال ووزارة الصحة بـ«التخبّط والتقصير في مواجهة جائحة كورونا وعدوانها المتصاعد، بحيث لم تطبّق أي خطة متكاملة الوضوح في الرؤية والحزم في تطبيق القانون والتشدّد في محاسبة كل من تعوّد المتاجرة بصحة الناس والتجريح بكرامتهم من بعض مستشفيات ومختبرات وصيدليات وتجّار دواء».
من جهة أخرى، دعا نقيب الأطباء، الدكتور شرف أبو شرف، كل العاملين في القطاع الطبي إلى «أوسع انخراط في المعركة ضد وباء كورونا»، مؤكداً أنها «معركة جدية وشرسة تهمّ الوطن والمواطنين، ولن نربحها إلا بتعاوننا وتعاضدنا مثلما فعلنا سابقاً، وكلنا معرّضون لهذا الوباء وخصوصاً في الأسابيع المقبلة على مشارف عدوى الإنفلونزا». كما دعا إلى «ضرورة تجهيز المستشفيات الخاصة والحكومية ومساندتها ومساعدتها لاستقبال مرضى كورونا، والعمل على توفير كل المعدّات الطبية والمستلزمات الوقائية وتصنيعها في لبنان».