كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:
مع بدء الحديث عن توزيع المقاعد الوزارية في الحكومة الجديدة، ارتفعت الانتقادات بوجه المعنيين بالتأليف، ولا سيما الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وخاصة لجهة ما يعرف بالحصة المسيحية واعتبار أن عون ومن خلفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل يستأثران بالجزء الأكبر والأهم منها.
وفيما كان لهذا التوزيع الدور الأبرز في تراجع التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة، تشير المعطيات الأخيرة إلى اتفاق على حصول عون و«الوطني الحر» على وزارات الداخلية والدفاع والعدل، فيما لا تزال وزارة الطاقة تأخذ حيزاً من النقاش، مع محاولة باسيل الاحتفاظ بها أو ما يحكى عن حل وسطي عبر منحها لحليفه حزب «الطاشناق» الأرمني، علماً بأن الحصة المسيحية يفترض أن تكون 9 وزراء إذا كانت الحكومة من 18 وزيراً.
ويكاد يكون الكلام الذي توجه به، يوم أول من أمس، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط إلى الحريري، محذراً مما وصفه بـ«غدرهم وحقدهم التاريخي»، وعتب «تيار المردة» على الحريري، خير دليل على الاستياء من هذا التوزيع، معتبرين أن ذلك سيكبّل حكم الحريري، وذهب «المردة» إلى حدّ التهديد بعدم المشاركة في الحكومة على غرار الحزبين المسيحيين؛ «القوات» و«الكتائب» إذا لم يحصل على حصة من وزارتين، سيادية وخدماتية، بحسب ما يؤكد عضو المكتب السياسي في «تيار المردة» النائب السابق كريم الراسي لـ«الشرق الأوسط».
ويحذّر الراسي من أي محاولة لقضم حصة «المردة»، التي يطالب بأن تكون وفق التوزيع المنطقي العادل أي من وزارتين، واحدة من الأربع السيادية، وأخرى خدماتية، الأشغال أو التربية على سبيل المثال، ومعلناً أنه لن يشارك في الحكومة، إذا لم يتحقق مطلبه.
وفيما يعتبر أن لا فرق بين حصة رئيس الجمهورية وحصّة باسيل في الحكومة، يؤكد الراسي أنه إذا بقيت الأمور تدار كما يحصل الآن فعندها سيكون الحريري هو الخاسر الأكبر.
وفي الإطار نفسه، يقول النائب في «الاشتراكي» هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة تكمن في أن الأطراف التي لم تدعم الحريري هي التي تفرض عليه الشروط، ويريدون الحصول على وزارات أساسية، على غرار ما يحصل مع «التيار الوطني الحر» الذي يتبادل الأدوار مع رئيس الجمهورية في لعبة مكشوفة تحت شعار حصّة الأخير، في وقت أن أصول العمل الديمقراطي تقضي بأن يبقى الفريق الذي لم يسمّ رئيس الحكومة خارج الحكومة. وسأل أبو الحسن: «إذا حصل هذا الفريق على (الداخلية) و(العدل) و(الدفاع) كيف سيحكم الحريري؟ وأين سيكون دوره؟ وعندها سيصبح هو الحلقة الأضعف ولن يتمكن من أخذ القرارات».
في المقابل، ترفض مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» اعتبار أن حصة رئيس الجمهورية هي نفسها حصة «التيار» الذي أخذ رئيسه خيار البقاء خارج الحكومة. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما اختار كل من حزب (القوات) و(الكتائب) البقاء خارج الحكومة، ولم يسميا الحريري، فيما التيار الوطني الحر لا يشارك بشكل مباشر، باتت الحصة المسيحية تنحصر بين رئيس الجمهورية، الذي من الطبيعي أن يحصل على الحصة الوازنة، إلى جانب تيار المردة والأرمن»، رافضة القول إن في ذلك استئثار بالحصة المسيحية، «إنما الأمر لا يختلف عما يحصل مع الثنائي الشيعي الذي تخصص له الحصة الشيعية والحريري على الحصة السنية».
وجددت المصادر التأكيد على أن المشاورات الحكومية تنحصر بين طرفين، هما الحريري وعون، ولا وجود لأي طرف ثالث، وتحديداً باسيل الذي لا يتدخل بعدما اتخذ قرار عدم تسمية الحريري وعدم تمثيل التيار بالحكومة.