يعد مرفأ بيروت ضمن أفضل 10 مرافئ في البحر الأبيض المتوسط ويعتبر بوابة إلى الشرق الأوسط، هو الميناء البحري الرئيسي في لبنان يقع في الجزء الشرقي من خليج سان جورج على ساحل بيروت شمال البحر الأبيض المتوسط وغرب نهر بيروت، وموضعه عند تقاطع خط الطول 35 درجة و57 دقيقة شرقًا وخط العرض 35 درجة و15 دقيقة شمالا.
يشكل مرفأ بيروت مركز التقاء للقارات الثلاث: أوروبا، آسيا، وأفريقيا، وهذا ما جعل منه ممرًا لعبور اساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب. وخلال السبعينيات من القرن العشرين كان أهم محطة للتجارة الدولية مع الدول العربية المحيطة حتى تضرره في 4 أب 2020 في حادث انفجار بيروت.
يضم هذا الميناء المملوك للحكومة اللبنانية أربعة أحواض يصل عمقها إلى 24 مترا، إلى جانب الحوض الخامس الذي كان تحت الإنشاء، بالإضافة إلى 16 رصيفا ومنطقة شحن عامة مكونة من 12 مستودعا، وصوامع لتخزين القمح والحبوب تعد بمثابة خزان احتياطي إستراتيجي للقمح للبلاد وتشكل قاعدة بيروت البحرية جزءا من الميناء.
مع بدء فصل الشتاء وبعد مرور ثلاثة أشهر على انفجار مرفأ بيروت الذي اعتبر ثاني أكبر انفجار في العالم بعد هيروشيما، وأكبر كارثة حلت بلبنان وبيروت بالذات، حيث قتل أكثر من 190 شخصا وأصيب الآلاف عندما انفجرت شحنة ضخمة من مادة نترات الأمونيوم المتفجرة في ميناء بيروت يوم 4 آب، ما أدى إلى تدمير كبير في أحياء بيروت وحصول اضرار جسيمة في المباني.
وقدر البنك الدولي، في تقرير أولي، الخسائر الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت ما بين 6.6 مليار دولار و8.1 مليار دولار.
واشار التقرير الى أن “هذه التقديرات هي نتاج تقييم سريع أجراه البنك الدولي بالتعاون مع الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي، لأضرار الانفجار على السكان وعلى الموجودات المادية والبنية التحتية والخدمات”.
وأوضح البنك الدولي انه “استخدم بيانات أرضية وأدوات وتكنولوجيا متطورة عن بعد لتقييم الأضرار التي لحقت بالموجودات المادية والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ذلك؛ واحتياجات التعافي وإعادة الإعمار”.
وأعلن أن “الأضرار المباشرة للانفجار هي ما بين 3.8 مليار و 4.6 مليار دولار، مع الاشارة الى وقوع أشد الأضرار في قطاعي الإسكان والإرث الثقافي”.
وقدر خسائر القطاعات الاقتصادية ما بين 2.9 مليار و3.5 مليار دولار.
وأكد البنك الدولي ان “لبنان بحاجة الى مساعدات عاجلة تتراوح بين 1.8 مليار و2 مليار دولار للتعافي وإعادة الإعمار كأولوية، مع وجود الاحتياجات الأعلى في قطاع النقل يليه الإرث الثقافي والإسكان، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمنازل والمستشفيات والمدارس والشوارع، أجبر الانفجار العديد من الشركات على الإغلاق، ما ساهم في خسارة نشاط اقتصادي يقدر بما يتراوح بين 2.9 مليار دولار، و3.5 مليار دولار، حسب تقييم أولي بقيادة البنك”.
ولفت الى ان “الكارثة لن تؤدي فقط إلى تفاقم انكماش النشاط الاقتصادي، بل ستؤدي أيضا إلى تفاقم معدلات الفقر، التي كانت بالفعل عند 45% من السكان قبل الانفجار”.
وأوصى البنك الدولي “بإنشاء إطار للإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار لإعادة بناء لبنان على نحو أفضل، على أساس مبادئ الشفافية والاحتواء والمساءلة، مقدرا احتياجات تعافي القطاع العام اللبناني لعامي 2020 و2021 بما يتراوح بين 1.8 مليار دولار و2.2 مليار دولار، مع ما يصل إلى 760 مليون دولار بحلول كانون الأول”.
أما احتياجات الإسكان الفورية فتقدر بما يتراوح بين 30 مليون دولار و35 مليون دولار، وهناك حاجة إلى نحو 225 مليون دولار إلى 275 مليون دولار من الدعم المالي الفوري، لاستعادة 5200 شركة صغيرة، و4800 شركة متناهية الصغر توظف آلاف الأشخاص.
وأوضح تقرير البنك الدولي أن “الآثار الاقتصادية الرئيسية للانفجار، تشمل خسائر في النشاط الاقتصادي، وتعطل التجارة، وخسائر في الإيرادات المالية، وتعميق انكماش النشاط الاقتصادي وتفاقم معدلات الفقر”.
وأوصى “بإعادة بناء الميناء بشكل كلي وحديث”، مشددًا على أن “المساعدات الدولية والاستثمارات الخاصة ضرورية لتحقيق الانتعاش وإعادة الإعمار بشكل هادف”.
وأكد كل من البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي انهم “ملتزمون تماما بالعمل مع لبنان للمساعدة في إعادة البناء ووضع احتياجات شعبه في المقام الأول”.
الانفجار كشف عن الازمة الاقتصادية
يذكر أن انفجار بيروت كشف عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان، وحتى قبل الانفجار حيث كان لبنان يواجه أسوأ أزمة سياسية واقتصادية منذ عقود، لكنه كافح لتأمين المساعدة الدولية لأن السياسيين فشلوا مرارا في الاتفاق على الإصلاحات المالية وإجراءات مكافحة الفساد التي يطلبها المقرضون.
عبود
وللاضاءة على ما خلفه الانفجار من اضرار وما تم اصلاحه، قال محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود: “لقد أنهينا عملية المسح الميداني منذ فترة، وتم حتى الساعة تأهيل 2850 منزلا في المناطق المتضررة، بالإضافة إلى 6376 منزل وبناء يتم العمل بهم الان”.
وأضاف: “من الابنية المتضررة، هناك 51 بناء تحت خطر السقوط، وحوالى 41 بناء متضررا بشكل كبير، وقد أعطينا توجيهاتنا إلى الأجهزة العاملة لتدعيم هذه الابنية. كما يوجد 360 بناء لهم قيمة أثرية، منها قائم منذ القرن التاسع عشر، ونحن نعمل بالتعاون والتنسيق مع منظمة الاونسكو للحفاظ على هذه الابنية التي تمثل وجه بيروت الحقيقي والتي نعتبرها قيمة تاريخية وأرثا يجب المحافظة عليه”.
وتابع: “أما بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فقد تمت مساعدة 207 مؤسسات، فيما 124 مؤسسة ستتم مساعدتها في الأسابيع القادمة. كما تم تقديم مساعدات نقدية لـ 188 عائلة كبدل ايجار ريثما يصار إلى إعادة ترميم منازلهم”.
وأكد أننا “نعمل بكل طاقاتنا ونسخر كل الامكانات، ولكن الموارد ضعيفة جدا مقارنة بحجم الكارثة”.
عيتاني
وقال رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت جمال عيتاني: “منذ اليوم الاول للانفجار، دعونا المقاولين الذين يعملون مع البلدية للعمل على ازالة الركام الذي تسبب باقفال الشوارع، وفي نفس الوقت كان فريق متخصص بالهندسة في البلدية بالتعاون مع نقابة المهندسين يقوم بجردة كاملة للابنية المتضررة، وكان اهم هدف لنا الابنية الآيلة للسقوط، فتم عزلها وتحديدها ووضعنا دفتر شروط للحصول على مناقصات لجلب مقاولين لتدعيم تلك الابنية. وقد فتحنا المغلفات وستعقد جلسة لتكليف المقاولين الاربعة للبدء على الارض باسرع وقت. لكن الروتين الاداري بالنسبة للموافقة على دفتر الشروط يحتاج الى وقت”.
وعن الاهالي القاطنين في الابنية المتضررة، قال عيتاني: “وضعنا دفتر شروط واطلقنا مناقصة لترميم المنازل قدر المستطاع، لكن حجم الدمار هائل ونحن بحاجة الى اكثر من ملياري دولار لترميم المنازل، ولا احد يملك هذا المبلغ حتى الدولة اللبنانية”، لافتا الى “اننا طرحنا مناقصة لمساعدة الناس الاكثر حاجة”.
وأشار الى ان “عددا من الجمعيات قدمت مبالغ لمساعدة الاشخاص المتضررين على ايجاد منازل اخرى ليسكنوا فيها، لكن حجم الدمار اكثر من قدرة الجمعيات”.
وأوضح ان “الحكومة خصصت مئة مليار ليرة للمتضررين، وبدأ الجيش اللبناني بتوزيع الاموال لترميم البيوت بحسب الحاجة”. وقال: “كذلك اخذنا قرارا في البلدية بتوزيع 10 الاف قسيمة شرائية لكي تشتري الناس حاجاتها المنزلية، عدا الطعام، بالاضافة الى 20 الف قسيمة ستوزع الاسبوع المقبل بقيمة 200 الف ليرة”.
وأكد عيتاني التعاون مع الجمعيات الدولية، وقال: “نحاول جاهدين الاتصال بالسفارات للمساعدة، خصوصا وانه بسبب الاوضاع السياسية الحالية هناك صعوبة بأن تأتي الاموال من الخارج”. وأوضح ان “هناك مئات الالاف من المنازل المتضررة وهي بحاجة الى جهود كبيرة، ونعمل بقدر المستطاع على المساعدة بحسب امكانياتنا”.
وأعلن انه “تم ترميم عدد من المنازل، لكن هناك حوالي 6000 عقار متضرر، ووكل عقار يوجد فيه 10 طبقات يقطنها 70 الف عائلة، اي حوالي 300 الف شخص. الموضوع في غاية الصعوبة ويحتاج الى وقت طويل”، متمنيا ان “تتشكل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي قال أن من أولى اولوياته اعادة اعمار مدينة بيروت”.
أشقر
من جهته، قال رئيس اتحاد نقابات السياحة بيار اشقر: “لم يلتفت الينا احد من الدولة، فقط الجيش اللبناني ساعد في رفع الركام وكان الى جانب الناس وقام بالمسح المطلوب”، مشيرا الى وتضرر 2060 مطعما ومقهى و ملهى ودكانا جراء الانفجار، وجزء منهم تضرر كليا. كما تضرر 163 فندقا و40 شقة مفروشة 220 سيارة للاجرة”.
ولفت إلى “مشكلة مع شركات التأمين، التي لم تدفع حتى الان للمؤتمنين”، موضحا “ان عددا من الشركات ينتظر التحقيق الذي سيصدر من الدولة عن الانفجار”، مشيرا الى انه “لا توجد وزارة مسؤولة عن شركات التأمين، لتعطي التوجيهات وتفرض عليهم الدفع. كما اننا لم نعرف بعد اذا كان سيتم الدفع بالليرة اللبنانية او بالدولار او frech many”.
وقال: “هناك مؤسسات لديها امكانات مالية كبيرة، وأغلبها من خارج لبنان كالفنادق الدولية، التي تستطيع ان تبدأ بالترميم، اما الباقي، فان الترميم الوحيد الذي انجز هو الزجاج. اما المطاعم فما زالت متروكة”، مشيرا الى “ان اغلبية المؤسسات ما زالت مقفلة”.
ورأى اشقر “ان الحل هو بحكومة تحظى بثقة المواطنين وثقة المجتمع الدولي، حتى تأتي الاموال والمساعدات من الخارج، وعلى هذه الحكومة ان تقوم بالاصلاحات المطلوبة”.
عيد
واعتبر رئيس جمعية تجار الأشرفية طوني عيد أن “منطقتي الاشرفية والرميل منكوبتان”، وقال: ” للمرة الاولى، تبقى منطقة بعد حادث انفجار لمدة طويلة دون ترميم، حيث لم يتم ترميم اكثر من 20 في المئة من المباني، وهذا يشير الى صعوبة وضع سكان المنطقة ماديا”.
وأضاف: “هناك مؤسسات تجارية اقفلت نهائيا، فهي كانت تعاني من الازمة الاقتصادية في البلد حتى أتى انفجار المرفأ وقضى عليها نهائيا”.
وعن حجم اضرار التجار في منطقة الاشرفية جراء الانفجار، اوضح انها بلغت 250 مليون دولار وفي الجميزة 100 مليون دولار”.
ولفت الى ان “المساعدات التي أتت كانت قليلة بالنسبة لقيمة الاضرار، فغرفة التجارة وعدد من الجمعيات قدمت بعض المساعدات التي كانت مخصصة بشكل اكبر للابنية السكنية”، مؤكدا ان “الحل يبقى في الاستقرار الامني والسياسي، وبالتالي الاقتصادي من خلال تشكيل حكومة لنتمكن من جلب السياح وجلب الاموال من الخارج من خلال السياحة والتشجيع على الاستثمار في البلد”.