كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
أظهرت الأبحاث العلمية أنّ المأكولات والمشروبات التي تخفض الالتهاب تستطيع أيضاً تخفيف الوجع المُزمن، والعكس صحيح. في الواقع، يسمح تغيير النظام الغذائي ونمط الحياة بتقليص كمية الأدوية المستهلكة لتسكين الآلام أو حتى التوقف عن استخدامها. فما هي أبرز الاقتراحات لتعديلات غذائية بسيطة تساعد على بدء الشعور بحالٍ أفضل؟
أوضحت اختصاصية التغذية، عبير أبو رجيلي، لـ»الجمهورية» أنه «وبِغضّ النظر عن السبب الكامن وراء الأوجاع المُزمنة، توصّل العلماء على مرّ السنين إلى أنّ بعض الأطعمة يحتوي على مواد كيماوية تنشّط الناقلات العصبية وتزيد الحساسية تجاه الألم».
وتطرّقت في ما يلي إلى أبرز المأكولات والمشروبات التي يجب على كل شخص يَشكو من الألم التوقّف عن استهلاكها أو خفض كميتها:
الغلوتين
هو بروتين موجود في القمح، وقد ربطته الدراسات بزيادة حدّة الأوجاع المُزمنة. يوجد اختبار يُعرف بفحص التحسّس الغذائي الذي يمكنه رصد ما إذا كان الشخص يعاني حساسية الغلوتين التي قد تزيد التعب، والإرهاق، وأعراض أخرى مرتبطة بالأمراض المُزمنة. ولقد تبيّن أنّ معظم الأشخاص الذين يشكون من هذه الأعراض تصبح أكثر حدّة وألماً عند تناولهم منتجات القمح بكمية عالية. ومن ناحية أخرى، فإنّ الذين خففوا مصادر الغلوتين تحسّنت عندهم الأعراض. وبما أنّ الغلوتين موجود في القمح، فهذا يعني أنه يختبئ أيضاً في المعكرونة، والبرغل، والبسكويت، والشعيرية، والمعجنات، وأصناف غذائية أخرى. وفي مثل هذه الحال، المطلوب خفض استهلاك المنتجات المذكورة واستبدالها بنظيراتها المدوّن على أغلفتها أنها خالية من الغلوتين، كالخبز والبسكويت والمعجنات والمخبوزات الأخرى، واستبدال البرغل بالكينوا، وطبخ الأرزّ بلا شعيرية…
الكافيين
إنّ الأشخاص الذين لا يشكون من الألم يمكنهم احتساء كميات معتدلة من القهوة، بعدما ثبُت أنها تحسّن صحّة القلب وتُطيل العمر. ولكن بالنسبة إلى الذين يعانون الوجع المُزمن، فإنّ الكافيين عبارة عن مُحفّز قد يسبّب ليال طويلة ومضطربة، ومن المعلوم أنّ قلّة النوم أو جودته السيّئة قد تفاقمان الألم. يُذكر أنّ الكافيين غير موجود فقط في القهوة، إنما يتوافر أيضاً في الشوكولا والصودا… وفي حال الإصرار على استهلاكه، يمكن الانتقال إلى الشاي الأخضر الذي يحتوي على جرعات معتدلة من الكافيين، ولكنه غنيّ بمضادات الأكسدة المحاربة للألم والالتهاب.
السكّر
يُعتبر من أكبر محفّزات الألم والالتهاب. ولقد ثَبُت أنّ السكّر يؤدي إلى تفاقم حساسية الشخص للألم، ويسرّع شيخوخة الخلايا والتهابها، ويرفع الالتهاب العام بشكل ملحوظ. إنّ أفضل طريقة لتفادي هذه الآثار هي الامتناع عن السكّر بمختلف أشكاله، والميل إلى السكّريات الطبيعية، كالفاكهة، عند الرغبة في الحصول على مذاق حلو.
أنواع الدهون السيّئة
الدهون ليست بالضرورة سيّئة، فالجسم يحتاج إلى الأوميغا 3 للمساعدة على بناء البروتينات وتعزيز الأيض. كما أنّ الدهون الجيّدة، مثل الأفوكا وزيت الزيتون، تؤدي دوراً في صحّة القلب والوظائف الأساسية للشعور بالدفء في الشتاء. ولكن في المقابل، يمكن للدهون المشبّعة والمتحوّلة أن ترفع خطر أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكّري، والبدانة. وبالتالي، يجب على الأشخاص الذين يعانون الألم المُزمن الامتناع عن مصادر هذه الدهون، مثل الوجبات السريعة والمقالي
الحليب ومشتقاته
تحتوي هذه المنتجات على سكّر «Lactose» الذي قد يسبّب الالتهاب. كذلك، هنك آثار جانبية أخرى لاستهلاك الحليب ومشتقاته تشمل أوجاع المعدة وصعوبة الهضم، ما قد يسبّب الوجع والنفخة المؤلمة. إشارة إلى أنّ بعض الأشخاص قد يجدون صعوبة في معالجة بروتين «Casein» المتوافر في الحليب، الأمر الذي يولّد استجابة التهابية مؤلمة في الجسم.
المواد الصناعية
يمكن للمواد الحافظة، مثل النيترات والنيتريت، أن تسبّب ألم الرأس، والتعب، والالتهاب. وبالتالي، يجب الامتناع عن المأكولات التي تختبئ فيها عند معاناة الآلام المُزمنة. وبالنسبة إلى المنكّهات الصناعية، كالـ»Monosodium Glutamate» المُضاف إلى الأطعمة السريعة المصنّعة لتحسين مذاقها، فقد تبيّن أنها تنشّط مستقبلات الألم وتزيد من حدّة الأوجاع. وبما أنّ أي مادة مصنّعة قد تكون بمثابة مُحفّز سريع للوجع المُزمن، فهذا ينطبق أيضاً على الملوّنات الصناعية. إنّ بعض الأشخاص يعانون حساسية شديدة للصبغات الغذائية، ما قد يسبّب لهم الغثيان، والتقيؤ، والتعب، والصداع.
الكحول
تحتوي على جرعة عالية من السكّر الذي يمكنه أن يُفاقِم الوجع المُزمن. كما انّ الكحول تعزّز تعرّض الجسم للجفاف الذي قد يسبب التشنجات وآلام الرأس. وبالنسبة إلى مرضى الصداع النصفي، فإنّ الكحول تُعدّ مُحفّزاً شائعاً ويجب الامتناع عنها كلّياً.
وبالإضافة إلى توخّي الحذر من هذه الأطعمة والمشروبات، دعت أبو رجيلي إلى «التوقف عن التدخين بشكل تدريجي للتمكّن لاحقاً من التغلّب عليه كلّياً. فقد تبيّن أنّ التدخين بمختلف أشكاله يحتوي على مواد ضارة يمكن أن تؤثر سلباً في المناعة، وتفاقم الأوجاع، وتزيد أعراض الأمراض المُزمنة».
وختاماً، نصحت خبيرة التغذية بـ»الالتزام بنظام غذائي صحّي ومتوازن يَجمَع بين الخضار والفاكهة المليئة بالفيتامينات والمعادن الأساسية لتقوية الجهاز المناعي ومحاربة الأمراض، والحبوب الكاملة البديلة لنظيراتها المكرّرة والدقيق الأبيض، والسمك المشويّ لاستمداد الأوميغا 3 المهمّة للجسم».