لم يكن ينقص اللبنانيين سوى رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي أطلّ من دون استئذان ليحمّل لبنان بوقاحة وفجور قلّ نظيرهما مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي لنظامه!
تحدّث الأسد عما بين 20 ملياراً و42 مليار دولار للسوريين محتجزة في المصارف اللبنانية، مؤكداً أن هذا هو سبب الأزمة السورية. لم يأبه سليل نظام الإجرام، الذي ارتكب كل الموبقات في لبنان طوال أكثر من 30 عاماً من الاحتلال والوصاية، بكل جرائمه وجرائم والده ونظامه ومسؤوليه وضباطه بحق اللبنانيين والدولة اللبنانية.
نسي أو تناسى كل ما فعله من قنات وطرابلس إلى جزين ومن الأشرفية وعين الرمانة إلى زحلة.
نسي أو سها عن باله ما اقترفته أيدي ضباطه في مراكز الاستخبارات في لبنان من البوريفاج إلى عنجر وسواها بحق اللبنانيين. وغضّ النظر عن صراخ أمهات وآباء المعتقلين اللبنانيين الذين لا يزالون قابعين في سجونه!
لم يسأل بشار الأسد عن الثروات التي راكمها نظامه ومسؤولوه وضباطه على حساب اللبنانيين ومن خلال عمليات السرقة والتشبيح ونهب الدولة اللبنانية وثرواتها. كل ما تعرفه ذاكرته الحمقاء أن ثمة ودائع سورية بحفنة من مليارات الدولارات في المصارف اللبنانية. لم يخبره أحد بأن النازحين السوريين نزحوا بسبب جرائم الإبادة التي ارتكبها ويرتكبها بحق شعبه، وأزمة النزوح السوري كبّدت لبنان أضعافاً مضاعفة عمّا يطالب به، وهو ليس له حتماً.
كان حرياً ببشار الأسد أن يسأل نفسه لِمَ هرّب السوريون أموالهم من سوريا إلى لبنان منذ ما قبل العام 2013؟ ولم هربوا هم أنفسهم بالملايين إلى بلاد الله الواسعة بدءًا بالمحيط القريب لبنان والأردن وتركيا؟
عندما سمعت وقاحة جزّار البراميل والأسلحة الكيماوية، أحسست بكل دمعة أم وأب وأخت لبنانية خسروا أحبابهم بسبب إجرام الأسد، وسرت بداخلي قطرات دماء كل مقاوم سقط وهو يواجه آلة الموت البعثية في لبنان. وشعرت بمعاناة كل لاجئ سوري نام في العراء وفي كل الظروف المناخية القاسية هرباً من براميل قصر المهاجرين.
لا، ليس لبشار الأسد بذمّة اللبنانيين أي سنتٍ، بل للبنانيين في رقبته عشرات آلاف الشهداء والمعذبيين والمعتقلين. ويقيناً لو كان ثمة رجالٌ في لبنان لتقدموا بحق بشار الأسد ومجرمي نظامه بكل الدعاوى القانونية الممكنة في محكمة العدل والدولية وكل المحاكم التي تنظر بجرائم الحرب والإبادة الجماعية وغيرها.
وقاحة الأسد ليست تفصيلاً، وتستأهل كل الرد والملاحقة القانونية الممكنة. وتقصير المسؤولين في لبنان عن جرائم الأسد هو بحد ذاته جريمة موصوفة إلى درجة بات علينا أن نتحمّل فجوراً قلّ نظيره ممن لا يستحق أن يكون في أي مكان آخر غير وراء القضبان في لاهاي!