انشغال العالم بالسباق الرئيس الاميركي وترقّب نتائجه بعد اغلاق صناديق الاقتراع، لم يحجب الاهتمام المحلي والقراءات والتحليلات لكلام الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي عن “المشكلة الاقتصادية في سوريا” وتحميله القطاع المصرفي اللبناني مسؤولية الأزمة السورية من خلال إشارته الى ان ما بين 20 ملياراً إلى 42 ملياراً من الودائع فقدت في القطاع المصرفي اللبناني الذي كان نشطاً وكانت لديه ودائع بالعملة الصعبة تزيد عن 170 مليار دولار”.
ومع ان كلامه اللافت في توقيته ومضمونه لم يستدعِ رداً رسمياً من الجهات اللبنانية مثل رئاسة الجمهورية او رئاسة الحكومة او حتى جمعية المصارف المعنية بالموضوع من اجل دحض ادّعاءاته التي “تُكذّبها” ارقام النشرة الشهرية الصادرة عن مصرف لبنان التي أظهرت أن إجمالي الودائع لغير اللبنانيين بلغت 43 ألف مليار ليرة أي 27 مليار دولار أميركي موزّعة على جنسيات متعددة، غير ان ما تفوّه به الاسد نفض الغبار عن ملفات متورّط بها هو ونظامه وسبّبت المآسي والازمات للبنانيين مهما حاول التنصّل او انكار مسؤوليته.
ويأتي في الاطار، ردّ رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، الذي ألمح فيه إلى علاقة للأسد بتخزين “نيترات الأمونيوم” التي انفجرت في مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي، حيث استخدم هذه المواد المتفجّرة في البراميل التي كانت تُطلق على الشعب المنتفض منذ بدء الحرب السورية في العام 2011.
والى جانب كارثة المرفأ، تأتي ارتكابات الاسد في ملف النازحين السوريين الذي كلّف الاقتصاد اللبناني خسائر بمليارات الدولارات في وقت يرفض النظام السوري عودتهم، واضعاً شروطاً عليها على رغم ان القسم الاكبر من الاراضي السورية بات آمناً ومستقراً.
وقالت اوساط سياسية متابعة عبر “المركزية”: “ان الاجدى بالاسد بدل ان يطالب بالاموال السورية الموجودة في المصارف والتي “هرّبها” اصحابها من بطش نظامه ووجدت في القطاع المصرفي اللبناني ملاذاً آمناً لها، ان يطالب المسوؤلين في لبنان بمساعدته لترتيب عودة اللاجئين السوريين بعدما بات لبنان غير قادر على تحمّل عبء مليون ونصف المليون اقتصاديا وامنياً واجتماعيا وصحيا وتربويا”، من دون ان يوظف هذه المسألة لاعادة الاعتراف بنظامه وارتكاباته.
وسألت الاوساط: “لماذا لا تكون اولوية الاسد عودة مواطنيه الى سوريا بدل تشريدهم في بقاع الارض، علماً انه اشار اليوم في تصريح الى “ان العقبة الأكبر بالنسبة لعودة اللاجئين هي الحصار الغربي المفروض على سوريا، وبالتالي إعادة هؤلاء بحاجة إلى تأمين الحاجات الأساسية الضرورية لمعيشتهم”.
واعتبرت الاوساط أن “تساؤلات الاسد عن ودائع السوريين ليس الا نقطة في بحر تساؤلات اللبنانيين حول ملفات عديدة شائكة بين البلدين تنتظر قراره لحسمها لعل ابرزها واكثرها الحاحاً اليوم بعد معضلة النازحين، ترسيم الحدود مع لبنان”.
ففي وقت بدأت مفاوضات ترسيم الحدود مع “العدو”، لماذا لا تنطلق مع من يُفترض انها شقيقة وهناك وحدة مصير ومسار معها؟ أليس الاجدى ترسيم الحدود من اجل ضبطها لمنع التهريب للسلع والمواد الاستهلاكية، خصوصاً المدعومة من مصرف لبنان وفق سعر الصرف الرسمي عوض توجيه الاتهامات للبنان بحجز اموال السوريين”؟