غداة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، اُغدقت الوعود عليه ممن سمّاه وممن لم يسمّه بتسهيل مهمته لتشكيل حكومة اختصاصيين لاشهر يتمحور عملها حول كيفية انقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والمالي.
وبناءً على هذه الوعود إنطلق الرئيس الحريري في مشوار التشكيل واجراء المشاورات مع المعنيين من اجل تقديم تركيبة وزارية تكون مطابقة لتمنيات القوى السياسية التي املت تشكيل حكومة سريعاً تكون مهمتها تنفيذ الاصلاحات المطلوبة واستعادة الثقة المحلية والعربية والدولية بلبنان.
وعلى قاعدة “كلام الليل يمحوه النهار” يبدو ان وعود التكليف عطّلتها مشاورات التشكيل وان لعبة الشروط والشروط المضادة لتركيب “بازل” المحاصصة عادت لتحطّ رحالها في ميدان التأليف بعد ان عطّلت مسار الحكومات السابقة وادخلت البلد في دهاليز الفراغ المؤسساتي.
ومن بين القوى السياسية التي اغدقت الحريري بوعود التسهيل وعدم عرقلة مهمته، من يُفترض انه “ام الصبي” للعهد والاحرص على ان تسير امور البلد بالشكل الصحيح وهو “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل. فالاخير اعلن اثناء الاستشارات النيابية المُلزمة وغير المُلزمة انه لن يُشارك في حكومة الرئيس الحريري وان لا مطالب محددة له سوى تشكيل حكومة تكون بمستوى المرحلة وتتعهّد البدء بورشة الاصلاحات المطلوبة.
لكن وبحسب اوساط سياسية معارضة لـ”المركزية” “ذاب الثلج وبان المرج” وعادت حليمة الى عادتها القديمة. فالتيار بشخص رئيسه الذي اعلن انه لن يشارك في الحكومة “ينكث بوعوده ويتدخّل في كل شاردة وواردة حكومياً ويفرض الشروط “ويختار” الحقائب التي يريدها”.
ولفتت الى “ان في وقت يعمل الرئيس الحريري على انجاز الطبخة الحكومية بعيداً من الضجيج الاعلامي يصرّ باسيل على الاحتفاظ بما يعتبره “مكاسب” له ولتياره ضارباً عرض الحائط المعايير التي حملها الرئيس الحريري عنواناً لمهمته الحكومية كمثل المداورة”.
وبإستثناء وزارة المال التي اخرجها الرئيس المكلّف من المداورة من اجل تعبيد الطريق امام حكومته وكي لا تُصيبها رصاصة الميثاقية اذا اُطلقت من الثنائي الشيعي تعبيراً عن رفضهم اخراج حقيبة المال من عباءة الطائفة، ينشط الحريري على خط تذليل العقبات ويستخدم المداورة كـ”كاسحة الغام” من اجل تشكيل حكومة سريعاً يكون برنامج عملها الورقة الفرنسية التي وافق عليها الجميع وتُشكّل خريطة طريق للإنقاذ.
الا انه ووفق الاوساط “يصطدم بلعبة الشروط والمطالب التي يمتهنها باسيل تحديداً. فهو يصرّ على الاحتفاظ بوزارة الطاقة وابقاء القديم على قدمه لجهة حصّة التيار الوزارية في وقت يئن اللبناني من تدهور اوضاعه المعيشية وتراجع قدرته الشرائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة وما يجرّ معه من ارتفاع جنوني باسعار السلع والمواد الاستهلاكية”.
وسألت “عن اعلان باسيل بانه لن يشارك في الحكومة وانه سيكون في صفوف المعارضة في حين ان ما يجري في كواليس مشاورات التشكيل عكس ذلك وسيفضي الى تشكيل حكومة شبيهة بحكومة الرئيس حسّان دياب لجهة المحاصصة وتوزيع الحقائب”.
ومع ان التيار ورئيسه ليسا وحدهما من اعلنا انهما لن يتدخلا في عملية تشكيل الحكومة، لان القوى الاخرى “مش مقصّرة” ايضاً، غير ان تسميته بتيار العهد كما اعتبرت الاوساط “يفرض عليه ان يكون الاحرص على عدم إفشال العهد وان يُساهم في ولادة الحكومة سريعاً وان يترفّع عن لعبة المحاصصة اذا كان فعلاً يريد تغيير النهج القائم في تشكيل الحكومات واصلاح ما افسده القائمون على السلطة في البلد منذ عقود وراكموا الازمات على حدّ ما يقول دائماً”.