لم يعد هناك مجال للشك بان سيف العقوبات الاميركية سيبقى مسلّطاً فوق رؤوس اللبنانيين الذين يقدّمون الدعم لـ”حزب الله” المُصنّف ارهابياً والمتورّطين بملفات فساد وهدر المال العام مهما كانت هوية الادارة الاميركية، لان قوانين العقوبات صدرت عن الكونغرس بإجماع من الحزبين الجمهوري والديموقراطي.
وعلى رغم “رهان” بعض القوى في لبنان على ان إنشغال الاميركيين بالانتخابات الرئاسية سيوقف قطار العقوبات اقلّه حتى استلام الرئيس الجديد مقاليد الحكم في 20 كانون الثاني المقبل وإعادة ترتيب ملفات المنطقة بالتزامن مع “تركيب” فريق عمله من وزراء ومستشارين، غير ان ما صدر عن وزارة الخزانة الاميركية مساء الجمعة الفائت لجهة التوقيت والمضمون خالف رهان هؤلاء واكد ان سياسة العقوبات ضد حزب الله وحلفائه والمتورّطين بقضايا فساد لن تتغيّر ولو قيد أنملة.
فإدراج رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل على لائحة العقوبات وفق قانون ماغنيتسكي وهو الحليف المسيحي الابرز لـ”حزب الله” وصهر رئيس الجمهورية يعني ان لا هوادة مع الداعمين للحزب والفاسدين مهما كان موقعهم ووزنهم السياسي.
وفي الاطار، اكد مدير “المنتدى الإقليمي للدراسات والإستشارات” العميد الركن المتقاعد خالد حماده لـ”المركزية” “ان تصاعد وتيرة العقوبات سيستمر وكل ما له علاقة بـ”حزب الله” وتمويله سيُدرج على لوائح الخزانة الاميركية، كما ان المتورّطين بالفساد لن يسلموا من العقوبات، لان الفساد في لبنان “يخدم” حزب الله”.
ويأتي الحديث عن العقوبات في وقت تشير المعلومات المتقاطعة من اكثر من دولة غربية ان اسرائيل تعدّ لتوجيه ضربة عسكرية لـ”حزب الله” قبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب البيت الابيض، وذلك من اجل تشديد الخناق والحصار عليه قبل إستلام إدارة الرئيس جو بايدن.
وفي الاطار، اعتبر العميد حماده “ان هذا الموضوع متّصل بمكان اخر، وتحديداً بتطور مسار الامور في سوريا. فالاخيرة على موعد مع انتخابات رئاسية في حزيران 2021، كما ان هناك تحرّكات ميدانية في شمال وشمال شرق سوريا فضلاً عن إعادة تحريك ملف عودة النازحين السوريين وهو كان عنوان المؤتمر الذي عُقد في دمشق امس، وهذا كله يوحي باننا ذاهبون في اتّجاه “ضبط” خطوط النفوذ من اجل تحقيق تسوية، وبالطبع فان ملف لبنان سيكون من ضمن التسوية السورية، لان البحث في الوجود الايراني في المنطقة سيكون متلازماً مع ملف التسوية السورية وحلّ ازمة لبنان”.
واعتبر “ان استحقاق الانتخابات الرئاسية في سوريا سيكون استحقاقاً ضاغطاً على لبنان، كذلك عملية تصفية النفوذ الايراني في المنطقة وملف التطبيع مع اسرائيل الذي فُتح على مصراعيه”.
وفي السياق، لفت حماده الى “ان من غير المعقول إنطلاق قطار التطبيع في المنطقة من دون ان يمرّ بلبنان الذي يتحكّم حزب الله بسياسته الخارجية بالاضافة الى سوريا ما يُهدد المصالح الاميركية في المنطقة. من هنا فإن الرهان على تبدّل السياسة الخارجية مع مجيء بايدن، خاطئ، لان امن اسرائيل اولوية عند الاميركيين”.
اما عن استحقاق تشكيل الحكومة في لبنان، اسف حماده “لان هناك من يصرّ على تعليقها على حبال التطورات الخارجية، غير ان “المعروض” للبنان امر وحيد: تشكيل حكومة مستقلّة من اختصاصيين والا فإن البلد نحو مزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي، ومصرف لبنان سيرفع الدعم عن السلع والمواد الغذائية بشكل كامل ما سيؤدي الى إنفجار اجتماعي”.